فَقَالَ لَهُ ابْن الْحسن: أبقاك الله {أخْتَار السَّلامَة} وَلَيْسَ يجمل بك أَن تكون نتيجة معرفتي بك تكليفي مَا يصعب عَليّ تحمله {فحاول استبداله بِغَيْرِهِ. وَانْقطع هُوَ للاشتغال بإصلاح حَاله، والاقتصاد على التعيش من مَاله. وَقد ذكره خلف بن عبد الْملك فِي صلته لكتاب القَاضِي أبي الْوَلِيد بن الفرضي؛ فَقَالَ فِيهِ بعد اسْمه: يكنى أَبَا مُحَمَّد؛ أَخذ عَن أبي الْقَاسِم بن الإفليلي كثيرا. وَكَانَ عَالما بالآداب واللغات والإشارات؛ وَله رد على أبي مُحَمَّد بن حزم فِيمَا انتقده على ابْن الإفليلي فِي شَرحه لشعر المتنبي؛ أَخذ عَنهُ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن سُلَيْمَان شَيخنَا رَحمَه الله} وَعَن سَحْنُون قَالَ: مَاتَ بعض قُضَاة إفريقية. فَقدم رَسُول الْخَلِيفَة، وَجمع الْعلمَاء، واستشارهم فِي قَاض يوليه، فَقيل لشيخه أبي الْحسن بن زِيَاد: هَذَا رَسُول الْخَلِيفَة، يشتشيرك فِي قاضٍ يوليه. فحول وَجهه إِلَى الْقبْلَة؛ فَقَالَ: وَرب هَذِه الْقبْلَة {مَا أعرف بهَا أحدا يسْتَوْجب الْقَضَاء. قومُوا عني} قَالَ مطرف وَابْن الْمَاجشون وَأصبغ: لَا يستقضي إِلَّا من يوثق بِهِ فِي عفافه، وصلاحه، وفهمه، وَعلمه بِالسنةِ والْآثَار وَوجه الْفِقْه؛ وَلَا يصلح أَن يكون صَاحب حَدِيث لَا فقه لَهُ، أَو فَقِيها لَا حَدِيث عِنْده. وَلَا يُفْتى إِلَّا مَا كَانَ هَذَا وَصفه إِلَّا أَن يخبر بِشَيْء سَمعه؛ وَلَا يَنْبَغِي، وَإِن كَانَ صَالحا عفيفاً. أَن يولي إِلَّا أَن يكون لَهُ علم بِالْقضَاءِ. وَمِمَّنْ عرضت عَلَيْهِ الْولَايَة بمالقة، من أَهلهَا، فَأبى وتمنع مِنْهَا، الْحسن بن مُحَمَّد بن الْحسن الجذامي النباهي. وَاعْتذر بِأُمُور، مِنْهَا كَثْرَة وَلَده، وتعدد ذَوي رَحمَه وَقد ورد: لَا يحكم القَاضِي إِلَّا لمن تجوز لَهُ شَهَادَته من قومه؛ واستثقل مَعَ ذَلِك القهرة لأهل بَلَده بالحكم من قبله؛ وَكَانَ قد جرى لوالده مُحَمَّد بن الْحسن، آخر أَيَّام ولَايَته الْقَضَاء بكورة رية، مَا هُوَ مَعْرُوف عِنْد الْكثير، من إِعْمَال الْحِيلَة فِي غدره، والإقدام على قَتله. فَقبل الْأَمِير عِنْد ذَلِك معاذيره، وَترك سَبيله ثمَّ جدد الْعَزْم عَلَيْهِ فِي الْولَايَة. قَالَ ابْن فريد فِي كِتَابه: فاستقضى بغرناطة؛ وَكَانَ من أهل النباهة وَالْجَلالَة، توفّي سنة ٤٧٣. وَذكره ابْن بشكوال فِي صلته. وَمن الْفُقَهَاء الْمُتَأَخِّرين، الْمُتَقَدِّمين فِي الْعلم وَالدّين، أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عَيَّاش الْأنْصَارِيّ ثمَّ الخزرجي، أحد أَشْيَاخ بلدنا مالقة، وفريد عصره بهَا عقلا، وفضلاً،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute