شأني، وَلَا أَنا قَائِم بهَا. وَإِنَّمَا أحفظ علم النُّجُوم وَأَنا أَقُول: إِذا كَانَ من النُّجُوم كَذَا، يكون كَذَا {وَأما تَعْلِيله، فَهُوَ من علم أهل الْمنطق وَأهل الْكَلَام. وَجَرت لَهُ فِي ذَلِك الْوَجْه بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ بَين يَدي ملكهَا، مَعَ بطارقته ونبلاء مِلَّته، مناظرات ومحاورات: مِنْهَا أَن الْملك قَالَ لَهُ: هَذَا الَّذِي تَدعُونَهُ فِي معجزات نَبِيكُم من انْشِقَاق الْقَمَر، كَيفَ هُوَ عنْدكُمْ؟ قلت: هُوَ صَحِيح عندنَا. وَانْشَقَّ الْقَمَر على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم} حَتَّى رأى النَّاس ذَلِك، وَإِنَّمَا رَآهُ الْحُضُور وَمن اتّفق نظره لَهُ فِي تِلْكَ الْحَال. فَقَالَ الْملك: وَكَيف لم يره جَمِيع النَّاس؟ قلت: لِأَن النَّاس لم يَكُونُوا على أهبة ووعد لشقوقه وحضوره. فَقَالَ: وَهَذَا الْقَمَر بَيْنكُم وَبَينه نِسْبَة وقرابة. لأي شَيْء لم تعرفه الرّوم وَغَيرهَا من سَائِر النَّاس، وَإِنَّمَا رَأَيْتُمُوهُ أَنْتُم خَاصَّة؟ قلت: فَهَذِهِ الْمَائِدَة بَيْنكُم وَبَينهَا نِسْبَة؛ وَأَنْتُم رأيتموها دون الْيَهُود، وَالْمَجُوس، والبراهمة، وَأهل الْإِلْحَاد، وخاصة يونان جِيرَانكُمْ؛ فَإِنَّهُم كلهم منكرون لهَذَا الشَّأْن {فتحير الْملك وَقَالَ فِي كَلَامه: سُبْحَانَ الله} وَأمر بإحضار فلَان القسيس ليكلمني، وَقَالَ: نَحن لَا نطيقه. فَلم أشعر إِذْ جَاءُوا بِرَجُل كالدب أشقر الشّعْر؛ فَقعدَ. وحكيت لَهُ الْمَسْأَلَة؛ فَقَالَ: الَّذِي قَالَ الْمُسلم لَازم. مَا أعرف لَهُ جَوَابا، إِلَّا الَّذِي ذكره. فَقلت لَهُ: أَتَقول إِن الْكُسُوف، إِذا كَانَ، أيراه جَمِيع أهل الأَرْض، أم يرَاهُ أهل الإقليم الَّذِي فِي محاذاته؟ قَالَ: لَا يرَاهُ إِلَّا من كَانَ فِي محاذاته. قلت: فَمَا أنْكرت من انْشِقَاق الْقَمَر، إِذا كَانَ فِي نَاحيَة لَا يرَاهُ إِلَّا أهل تِلْكَ النَّاحِيَة وَمن تأهب للنَّظَر لَهُ، فَأَما من أعرض عَنهُ أَو كَانَ فِي الْأَمْكِنَة الَّتِي لَا يرى الْقَمَر مِنْهَا، فَلَا يرَاهُ {فَقَالَ: هُوَ كَمَا قلت} مَا يدفعك عَنهُ دَافع {وَإِنَّمَا الْكَلَام فِي الروَاة الَّذين نقلوا. وَأما الطعْن فِي غير هَذَا الْوَجْه، فَلَيْسَ بِصَحِيح} فَقَالَ الْملك: وَكَيف يطعن فِي النقلَة؟ فَقَالَ النَّصْرَانِي: تَنْبِيه هَذَا من الْآيَات: إِذا صَحَّ وَجه أَن يَنْقُلهُ الجم الْغَفِير، حَتَّى يتَّصل بِنَا الْعلم بِهِ، وَلَو كَانَ كَذَلِك، لوقع لنا الْعلم الضَّرُورِيّ بِهِ. فَلَمَّا لم يَقع، دلّ على أَن الْخَبَر مفتعل بَاطِل. فَالْتَفت الْملك إِلَيّ وَقَالَ: الْجَواب؟ قلت: يلْزمه فِي نزُول الْمَائِدَة مَا لزمني فِي انْشِقَاق الْقَمَر؛ وَيُقَال لَهُ: لَو كَانَ نزُول الْمَائِدَة صَحِيحا، لوَجَبَ أَن يَنْقُلهُ الْعدَد الْكثير؛ فَلَو نَقله الْعدَد الْكثير،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute