فَلَا يبْقى يَهُودِيّ وَلَا نَصْرَانِيّ، إِلَّا وَيعلم هَذَا بِالضَّرُورَةِ؛ وَلما لم يعلمُوا ذَلِك بِالضَّرُورَةِ، دلّ على أَن الْخَبَر كذب {فبهت النَّصْرَانِي وَالْملك وَمن ضمه الْمجْلس. وانفصل الْمجْلس على هَذَا. قَالَ القَاضِي: سَأَلَني الْملك فِي مجْلِس آخر فَقَالَ: مَا تَقولُونَ فِي الْمَسِيح عِيسَى ابْن مَرْيَم؟ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام} قلت: روح الله، وكلمته، وَعَبده، وَنبيه، وَرَسُوله، كَمثل آدم خلقه من تُرَاب ثمَّ قَالَ لَهُ: " كن فَيكون {" وتلوت عَلَيْهِ النَّص. فَقَالَ: يَا مُسلم} تَقولُونَ: الْمَسِيح عبد؟ فَقلت: نعم؟ كَذَا نقُول وَبِه ندين {قَالَ: وَلَا تَقولُونَ إِنَّه ابْن الله؟ قلت: " معَاذ الله} مَا اتخذ الله من ولد وَمَا كَانَ مَعَه من إِلَه " الْآيَتَانِ. " إِنَّكُم لتقولون قولا عَظِيما ". فَإِذا جعلتم الْمَسِيح ابْن الله، فَمن كَانَ أَبوهُ، وَأَخُوهُ، وجده وخاله، وَعَمه؟ وعددت عَلَيْهِ الْأَقَارِب. فتحير وَقَالَ: يَا مُسلم {العَبْد يخلق وَيحيى وَيُمِيت وَيُبرئ الأكمة والأبرص؟ فَقلت: لَا يقدر العَبْد على ذَلِك. وَإِنَّمَا ذَلِك كُله من فضل الله تَعَالَى} قَالَ: وَكَيف يكون الْمَسِيح عبد الله، وخلقاً من خلقه، وَقد أَتَى بِهَذِهِ الْآيَات، وَفعل ذَلِك كُله؟ قلت: معَاذ الله {مَا أحيي الْمَسِيح الْمَوْتَى، وَلَا أَبْرَأ الأكمة والأبرص} فتحير وَقل صبره، وَقَالَ: يَا مُسلم {تنكر هَذَا، مَعَ اشتهاره فِي الْخلق، وَأخذ النَّاس لَهُ بِالْقبُولِ} فَقلت: مَا قَالَ أحد من أهل الْفِقْه والمعرفة إِن الْأَنْبِيَاء يَفْعَلُونَ المعجزات من ذاتهم؛ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْء يَفْعَله الله تَعَالَى على أَيْديهم، تَصْدِيقًا لَهُم، يجْرِي مجْرى الشَّهَادَة {فَقَالَ: قد حضر عِنْدِي جمَاعَة من أولى دينكُمْ والمشهورين فِيكُم وَقَالُوا إِن ذَلِك فِي كتابكُمْ. فَقلت: فِي كتَابنَا إِن ذَلِك كُله بِإِذن الله تَعَالَى} وتلوت عَلَيْهِ مَنْصُوص الْقُرْآن فِي الْمَسِيح " بإذني " وَقلت: إِنَّمَا فعل الْمَسِيح ذَلِك كُله بِاللَّه وَحده لَا شريك لَهُ، لَا من ذَات الْمَسِيح. وَلَو كَانَ الْمَسِيح يحيي الْمَوْتَى وَيُبرئ الأكمة والأبرص من ذَاته وقوته، لجَاز أَن يُقَال إِن مُوسَى فلق الْبَحْر، وَأخرج يَده بَيْضَاء من غير سوء من ذَاته {وَلَيْسَت معجزات الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام} من ذاتهم دون إِرَادَة الْخَالِق {فَلَمَّا لم يجز هَذَا، لم يجز أَن تسند المعجزات الَّتِي ظَهرت على يَد الْمَسِيح، للمسيح}
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute