أَن تدخل عَلَيْهِ فِيهِ دَاخله، طول فِيهِ أبدا، ولواه حَتَّى يصطلح أَهله. وَكَانَ يَقُول: صَاحب الْبَاطِل، إِذا طول عَلَيْهِ ترك طلبه ورضى باليسير فِيهِ. وَقد كثر الْآن شُهُود الزُّور، والتبست الْأُمُور: فَرَأَيْت هَذَا المطل أخْلص لي {وَقد علمت حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم} فِي الْقَتِيل الَّذِي وجدته يهود، وَأَنه، لما أشكل عَلَيْهِ الْأَمر من عِنْده، قَالَ أحد أَصْحَابه مداعباً: أفتنشط أَنْت رَحِمك الله {أَن تُعْطى الصُّلْح من عنْدك، إِذا التبست عَلَيْك الْمَسْأَلَة؟ فَتَبَسَّمَ وَقَالَ: لَا} إِنَّمَا هَذَا على الإِمَام الَّذِي بِيَدِهِ بَيت المَال؛ لَيْسَ هَذَا عَليّ {وَقَالَ الْحسن: وجدت بِخَط الْخَلِيفَة الحكم الْمُسْتَنْصر بِاللَّه: سَمِعت القَاضِي أَحْمد بن مخلد يخْطب يَوْمًا؛ فَقَالَ فِي فصل الدُّعَاء مِنْهَا، لما انْتهى إِلَى قَوْله: اخلصوا الله دعاءكم} ثمَّ سكت مَلِيًّا؛ فَلَمَّا ظن النَّاس قد دعوا، انْبَعَثَ وَقَالَ: اللَّهُمَّ {وَقد دعَاك هَذَا النَّفر من عِبَادك، الساعون لثوابك، المجتمعون ببابك، فَزعًا من عقابك، وَطَمَعًا فِي ثوابك؛ وقبلهم من الذُّنُوب مَا قد أحَاط بِهِ علمك، وأحصاه حفظتك؛ فعد عَلَيْهِم فِي موقفهم هَذَا برحمة توجب لَهُم جنتك، وتجيرهم بهَا من عذابك} آمين {يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ} قَالَ مَالك بن الْقَاسِم: وَكَانَ أَحْمد بن بَقِي شَدِيد الْحِفْظ لِلْقُرْآنِ، كثير التِّلَاوَة لَهُ، يقوم بِهِ آنَاء ليله ونهاره. وَكَانَ على شدَّة حفظه، يلْتَزم تِلَاوَته فِي الْمُصحف على نَحْو مَا كَانَ يلتزمه أَبوهُ بَقِي بن مخلد للفضل من النّظر فِيهِ؛ متقشفاً، دمثاً، صبوراً، يتلَقَّى من أَسَاءَ إِلَيْهِ وَإِلَى أَبِيه قبله بالصفح، وَالْمَغْفِرَة للزلة، وَوضع الْحَسَنَة مَكَان السَّيئَة. وَلما توفّي، صلى عَلَيْهِ وَلَده عبد الرَّحْمَن بإيصاء أَبِيه إِلَيْهِ بذلك، وسنه أَربع وَسِتُّونَ سنة. قَالَ عياص فِي مداركه عِنْد ذكر أَحْمد: مِنْهُم وولاؤهم لامارة من أهل جيان؛ سمع من أَبِيه. وَكَانَ زاهداً، فَاضلا؛ ولى تَفْرِيق الصَّدقَات وَالصَّلَاة؛ ثمَّ قَضَاء الْجَمَاعَة مَقْرُونا بِالْخطْبَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute