للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قيس عيلان كذلك، وأم فهر بن مالك -الذي هو قريش- من جرهم، وأبناء فهر أمهم ليلى بنت سعد بن هذيل، وأم لؤى بن غالب بن فهر هي سلمى بنت عمرو الخزاعي، وأم مرة من كنانة، وأم كلاب والد قصي هي بنت سرير بن ثعلبة الكناني الذي كان أول من نسأ الشهر الحرام١، فهذا التزاوج المتصل لا يكون إلا بالمجاورة، والمخالطة، الأمر الذي يقطع بوجود بطون قريش في منطقة مكة ومخالطتهم للقبائل الضاربة حولها قبل قصي بأجيال طويلة؛ على أن قريشًا فرع من كنانة، وقبائل كنانة مقيمة حول مكة لم تفارقها.

أما هذا التقدم الذي نالته مكة على يد قبيلة قريش، وأغرى المؤرخين بهذا الفرض؛ فإنه استمرار لحالة قد بدأت من قبل حكم قريش لمكة، فقد بينا أن مكة لا بد أن تكون قد أخذت بأسباب الاستقرار والتحضر قبل حكم قريش في عهد خزاعة على الأقل، وأن قريشًا قد وجدت بداية سارت عليها. على أن ما أقرته قريش من نوع الحكم والتنظيم في مكة إنما هو في جوهره تنظيم قبلي موجود في تشكيل القبيلة العربية٢، ثم تطور تدريجيًا بحسب مقتضيات ظروف الاستقرار في مكة وبحسب اتصالات قريش الواسعة وقيامها على التجارة واحتكاكها بالعالم المتحضر؛ فافتراض أن قبيلة قريش قدمت من الشمال في عهد النبط افتراض لا يقوم على أي دليل تاريخي؛ أما عن الدليل اللغوي وهو أن لغة قريش لغة شمالية فإن الشمال هنا يحدد بالنسبة لكل ما يقع شمال اليمن، ولهجة الحجاز هي في نظرنا اللهجة الشمالية مهما امتدت شمالًا.


١ ابن هشام ١/ ١٠١- ١١٦، السهيلي ١/ ٧٠-٧١، ابن الأثير ٢/ ٢٣، الطبري ٢/ ١٩- ٢٤.
٢ انظر الباب الأول- الفصل الثاني من هذا البحث.

<<  <   >  >>