للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كنانة وبعض بطون هذيل وخزاعة من قبائل تهامة. وأكبر قوة استطاعت قريش أن تجمعها في معركة من المعارك منها ومن كل أحلافها هي عشرة آلاف مقاتل، وهي التي حاصرت بها المدينة في غزو الخندق، وجمعت فيها كل حلفائها من القبائل العربية التي ارتبطت مصالحها بمصالح قريش، وهي قوة كبيرة لم تعتد مثلها الجزيرة العربية في العصر الجاهلي.

كذلك كانت قريش حليفة قديمة لبني كنانة وبني بكر، ويرجع حلفها مع كنانة إلى أيام قصي بن كلاب، حينما جمع قريشًا وحالف كنانة لحرب خزاعة، وقد اضطرت قريش إلى القتال إلى جانب كنانة ضد قيس وهوازن في حرب الفجار استجابة لهذا الحلف، وقد أثبتت حرب الفجار مقدار تماسك قريش واتحاد بطونها ورجالها، وأنهم لم يكونوا متهورين تهور غيرهم في الحروب، بل كانوا يميلون إلى التعقل والتدبر قبل الإقدام على الحرب، وبالرغم من رجحان كفتها فإنها دعت إلى الصلح وأفلحت في إعادة حسن العلاقات بين الطرفين؛ لأن مصالحها التجارية كانت تستلزم هذه العلاقات الطيبة. وكذلك ظلت كنانة إلى جانب قريش عند ظهور الإسلام؛ فقد اشتركت مع قريش في الحلف ضد بني هاشم وحصرهم في أحد شعاب مكة١، وكذلك قاتلت إلى جانب قريش في حروبها ضد يثرب. كما كانت قريش على علاقات طيبة ودية مع القبائل الضاربة على جنبات الطريق التجاري مثل جهينة ومزينة وغطفان وأشجع وسليم وبني سعد وبني أسد، وكان لهم من هذه القبائل حلفاء يعيشون في مكة ويعتبرون أنفسهم من القبيلة جريًا على النظام القبلي٢. وكذلك كانت قريش على صلات طيبة ببني عذرة من قضاعة على أطراف بادية الشام من أيام قصي بن كلاب، وقد أعان بنو عذرة القضاعيون: قصي في الوصول إلى حكم مكة، وكانت صلات مكة طيبة كذلك وقوية بالقبائل التي تعيش إلى جنوبها، مثل قبيلة خثعم التي كانت تعيش في الهضبة الممتدة من الطائف إلى نجران عند طريق القوافل الممتدة من اليمن٣، وتتحدث الروايات عن صداقة عبد المطلب بن هاشم مع ذي نفر الحميري الذي تصدى لقتال


١ البخاري ٢/ ١٤٨، ٤/ ٧١.
٢ الذهبي: سير أعلام النبلاء ١/ ٢٢١- ٢٢٣.
٣ جواد علي ٤/ ٢٦٢.

<<  <   >  >>