للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الغربي تقوم جماوات العقيق، وهي مرتفعات سود كبار دون الجبال وفوق الهضاب. وأقرب هذه الجماوات إلى المدينة جماء تضارع القريبة من بئر عورة، وتجاورها وتكاد تتصل بها من ناحية الشمال جماء أم خالد، وتبعد عن هذه إلى الشمال جماء عاقل.

وفي شمال المدينة جبل أحد، يفصل بينها وبينه وادي قناة. وفي جنوب هذا الوادي إلى الشمال الغربي من المدينة يقع جبل سلع، وبه النتوء الذي يعرف بجبل عين، وعليه كان موقف الرماة من المسلمين يوم أحد١.

وتاريخ يثرب القديم مجهول، فلا توجد مدونات يمكن الرجوع إليها، وكذلك لم تقم بها أبحاث أثرية يمكن الاستفادة منها، وقد أشار صاحب كتاب آثار المدينة المنورة إلى حدوث حفريات -جرت بغير قصد البحث العلمي- كشفت عن بعض أشياء يمكن أن يستدل منها على أن المدينة الحالية قائمة على أنقاض مدينة أخرى٢؛ لكن الاهتمام العلمي لم يأخذ طريقه حتى الآن إلى مدينة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولعله يأخذ طريقه إليها فيشكف لنا شيئًا يمكن الاعتماد عليه في كتابة تاريخها القديم، وكل ما لدينا من أخبار تاريخ يثرب القديم عبارة عن روايات ذكرها الإخباريون لا يمكن الاعتماد عليها اعتمادًا قاطعًا؛ لأنها لا تستند إلى دليل.

ومن المؤكد أن هذه الواحة الخصيبة والتي تقع على طريق التجارة بين اليمن والشام، لا بد أن تكون قد سكنتها القبائل منذ زمن بعيد، إذ لا يعقل أن لا يجذب خصب هذه البقعة وكثرة المياه بها الناس إلى انتجاعها والإقامة فيها، وورود اسم يثرب في الكتابات المعينية يدل على قدمها٣، وعلى أن المعنيين استعمروها فقد كانت لهم مستعمرات على طول الطريق التجاري حتى تخوم الشام، فليس من المحتمل أن يكونوا تجاوزوا يثرب دون أن ينتفعوا بموقعها وخصب أرضها وكثرة مياهها في اتخاذها مستعمرة لهم ومحطة لتجارتهم، وبخاصة أن مستعمراتهم متصلة إلى شماله على طول طريق وادي القرى.


١ عن وصف المدينة انظر: ياقوت ١٧-٨٢- ٨٨ السمهودي: وفاء الوفا ١/ ١١٢- ١٥٢، البتنوني ٢٥٢- ٢٥٩- هيكل: في منزل الوحي ٥٧١- ٥٨١.
٢ هيكل: في منزل الوحي ٥١٢- ٥١٤ عبد القدوس الأنصاري: آثار المدينة المنورة ١٢٢- ١٢٤.
٣ جواد علي ٣/ ٣٩٥.

<<  <   >  >>