للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هود جمع هائد وهو في معنى ما قلناه. فلتعرف الفرق بين قولك هودًا بغير ياء، ويهودًا بالياء والتنوين، ويهود بغير تنوين، فإنها تفرقة حسنة صحيحة ١.

وإذا تتبعن المصادر في الأقوال التي يشار فيها إلى اليهود المعروفين بإسرائيليتهم؛ وجدنا كلمة يهود هي الكلمة المستعملة، مما يقطع بأن هذا الاصطلاح كان مفهومًا بمعناه المؤدي إلى النسب سواء لدى العرب أو اليهود على السواء٢.

هذا إلى أن النسابين العرب لم يذكروا إحدى قبائل اليهود في المدينة أو غيرها من أقاليم الحجاز ضمن الأنساب العربية٣، واليهود أنفسهم لم يحاولوا نسبة أنفسهم إلى قبائل العرب، بل حرصوا على نسبة أنفسهم إلى الإسرائيليين؛ فقد كان بنو قينقاع يدعون أنهم من ذرية يوسف الصديق ٤، وبنو النضير وقريظة يسمون الكاهنين٥ وعلى العكس ذكر النسابون أنساب القبائل المتهودة في اليمن والقبائل المتنصرة في الشام، وهذه القبائل المتهودة أو المنتصرة لم تحاول أن تنسب نفسها إلى الإسرائيليين أو غيرهم من الأمم الأخرى؛ فقد كانت القبائل العربية شديدة المحافظة على أنسابها شديدة الأنفة من أن تدعي نفسها إلى غيرها، وتشير الآية القرآنية {وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ} [آل عمران] إلى أن اليهود كانوا يعتبرون ما دونهم من الأمم أممًا ثانوية ليس عليهم أي تبعة نحوها، ويبيحون لأنفسهم كل شيء معها.


١ السهيلي ٢/ ٢٦.
٢ على سبيل المثال انظر: ابن هشام ٢/ ١٣٥- ١٤١، ١٤٧، ١٦٧، ١٧٣، ١٨١، ٤٢٦، أسد الغابة ١/ ٧٠، الطبري ٢/ ٢٢٤، ٢٢٥، ابن خلدون ج٢، الكتاب الثاني ص ٢٨، سير أعلام النبلاء ٢/ ٦، / ٦٨، ٧٢، ٩٩.
٣ الأغاني ٣/ ١١٦.
٤ السمهودي ١/ ١١٥.
٥ ابن هشام ١/ ١٦، ٣ ٢٦٠ "روى ابن أسحاق حديث حيي بن أخطب حين قدم للقتل يوم قريظة: أيها الناس إنه لا بأس بأمر الله كتاب وقدر وملمحة كتبها الله على بني إسرائيل" السمهودي ١/ ١٢٥.

<<  <   >  >>