للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قريشًا قد تلاومت على ترك الفرصة تفلت من يديها بعد أن أوقعت الهزيمة بالمسلمين فأجمعت على الرجعة، وقالوا: أصبنا حد أصحابه -محمد- وأشرافهم وقادتهم ثم نرجع قبل أن نستأصلهم؟ لنكرن على بقيتهم فلنفرغن منهم١.

وأراد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يوهن نفوس المكيين ويضعف عزيمتهم، فأوحى إلى رجل من خزاعة -وكانت خزاعة مسلمها ومشركها هواها مع النبي صلى الله عليه وسلم، تناصحه وتود نصره- أن يخذِّلها عنه ويلقي إليها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- والمسلمين قد خرجوا لقتالها وقد رجع إليهم من تخلف عن القتال، واستعدوا استعدادًا كبيرًا وفعل الخزاعي ما كلف به، فخارت عزيمة أبي سفيان وأجمع على الرجوع إلى مكة؛ ولكنه كلف نفرًا من العرب كانوا يريدون المدينة أن يخذلوا المسلمين عن مطاردته، ثم رحل عائدًا إلى مكة. وبقي النبي -صلى الله عليه وسلم- ثلاثة أيام يوقد النيران ليعلم قريشًا أنه ينتظرها، وليشعر القبائل بقوته وعزمه، ثم عاد إلى المدينة٢ وقد استرد كثيرًا من مكانة المسلمين وأعاد إلى نفوسهم كثيرًا من شجاعتها واطمئنانها.


١ نفسه ٣/ ٥٤.
٢ ابن هشام ٣/ ٥٤- ٥٦، إمتاع ١/ ١٦٧- ١٧٠.

<<  <   >  >>