وهكذا عاون القرآن الكريم في شفاء نفوس المسلمين حتى عادت إليها سلامتها. كما حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- على أن يرد إليها سريعًا شجاعتها ويشعرها ويشعر من حولها أنها لا تزال قادرة على الضرب والغلب ومواجهة العدو، وأن ما حدث في المعركة إن هو إلا حالة عارضة لم تؤثر بأي حال من الأحوال على جوهر نفوس المسلمين ولا على شجاعتهم، وأن قوتهم الضاربة لا تزال قادرة على خوض غمار الحرب واستئناف القتال من جديد في عزم وثقة بالنصر.
لذلك، وليتحوط لرجوع قريش لضرب المدينة واحتلالها، أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- فأذن مؤذن في المسلمين بطلب العدو، في الغد من يوم أحد على ألا يخرج إلا من حضر القتال.
وتحامل المسلمون على جراحاتهم، وقد استردوا روحهم المعنوية، فلم يتخلف منهم أحد، وحتى من أثقلته جراحه لم يرد أن يفوته من أمر القتال شيء، وأظهروا من الصبر والجلد وشجاعة النفس ما يعتبر مثلًا فذًّا في تاريخ الحروب١.
بلغ النبي -صلى الله عليه وسلم- حمراء الأسد -على ثمانية أميال من المدينة- وكان أبو سفيان ورجاله قد وصلوا الروحاء -على سبعة وسبعين ميلًا- وقد صدق تقدير النبي -صلى الله عليه وسلم-