للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحليف:

هو جار بصفة لازمة، إذ إن صلته ليست مؤقتة كالجار؛ فالحلف جوار دائم، ولفظ الحلف فيه معنى القسم وكانت منزلة الحليف من حليفه كمنزلة القريب، حكمه حكم أفراد القبيلة إلا في حالة الدية، وهذا الحلف يسمى عند المسلمين ولاء الموالاة١. وكان في الجاهلية بين عربي وعربي، وهو في الإسلام بين عربي وغير عربي.

والحليف رجل حر انضم إلى قبيلة غير قبيلته؛ فمركزه الاجتماعي في القبيلة التي ينتمي إليها يلي مركز الحر الصميم فيها، وعليه من التبعات العامة ما على أفراد القبيلة الصرحاء؛ فإذا كان الحلف بين فرد وفرد صار الحليف مولى للرجل الذي حالفه، وأصبح كفرد من ذوي رحمه وقبيلته بالولاء، ويسمى الشخص الملتحق مولى الشخص الملتحق به، وكان أحيانًا يتبنى الرجل مولاه فينتسب له٢. وقد كان الرجلان يشهدان على أنفسهما ويعقدان الحلف بالمواثيق والأَيمان والعهود. وقد أورد الطبري في تفسيره مأثورًا عن الميثاق الذي يشهد عليه الملأ بين الملتحق والملتحق به: دمي دمك، وثأري ثأرك، وحربي حربك، وسلمي سلمك، ترثني وأرثك، وتطلب بي وأطلب بك، وتعقل عني وأعقل عنك٢.

وقد كان الحليف يرث حليفه إذا مات، بهذا الحلف في الجاهلية ثم استمر في الإسلام٤. {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا} [النساء] حتى نسخ بآيات الميراث {وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال] . وكان قد جعل له السدس من جميع المال في أول الإسلام، ثم نسخ ونقل من الإرث إلى


١ المصباح المنير: ٢/ ٩٢٧.
٢ البخاري ٥/ ٨٢. الأغاني ٣/٥- ٤١. الروض الأنف ١/ ٣٩.
٣ جامع البيان: ٨/ ٢٧٥- ٢٧٦.
٤ البخاري: ٥/س ٨٢.

<<  <   >  >>