المسئوليات، وطبقت القواعد تطبيقًا عمليًّا، وظهرت شخصية المجتمع الجديد مشرقة بما أمر الإسلام من البر والرحمة، وما دعا إليه من عمل الخير، وما في عباداته من رياضة النفس والطبع وقتل غرور القلب، بما جعله الكمال الطبيعي للأديان التي سبقت وجعل الدعوة إليه للناس كافة.
من أجل ذلك فكر النبي -صلى الله عليه وسلم- في إرسال رسله إلى ملوك العالم المحيط بالجزيرة العربية يدعوهم وشعوبهم إلى رسالة الإسلام، وفي مقدمة هؤلاء الملوك هرقل قيصر الروم وكسرى ملك الفرس.
أرسل رسله تحمل كتبه إلى كسرى، وإلى النجاشي وإلى ملك عمان وملك اليمامة وملك البحرين والحارث الحميري ملك اليمن، وإلى هرقل قيصر الروم، والحارث الغساني ملك تخوم الشام، والمقوقس حاكم مصر. وانطلق هؤلاء الرسل كل إلى وجهته، فأوصلوا هذه الكتب إلى من أرسلت إليهم، فمنهم من قبل الدعوة وأسلم كأمير البحرين، ومنهم من رد ردًّا حسنًا دون أن يسلم، وكان هؤلاء هم الأكثرية، ومنهم من غضب ومزق الكتاب مثل كسرى الذي أرسل باذان علمله على اليمن أن يأتيه بهذا الرجل الذي ظهر في الحجاز؛ لكن باذان ما كان يتصل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- حتى أسلم وأبقاه النبي -صلى الله عليه وسلم- على منصبه على أن يكون عامله على اليمن، وعاد رسل النبي جميعًا إليه سالمين إلا من أرسل إلى حاكم بصري فإن شرحبيل بن عمرو الجذامي عامل الروم على البلقاء عدا عليه فقتله١.