يعيد للمسلمين كرامتهم في هذه البلاد، فبعث عمرو بن العاص إلى قبائل الشمال يستنفرها إلى الشام، وذلك أن أمَّه كانت من قبائل تلك النواحي، فكان من اليسير عليه أن يتألفهم ثم أتبعه بالمدد فيه كبار المهاجرين عليهم أبو عبيدة ومعه أبو بكر وعمر، واستطاع عمرو أن يشتت جموع قبائل تخوم الشام ويرد للمسلمين هيبتهم في تلك الناحية١.
أحدثت هذه الأعمال أثرها. فبدأت القبائل المجاورة للمدينة والتي في شمالها تبعث وفودها للنبي -صلى الله عليه وسلم- تعلن طاعتها وإذعانها، وإنه لكذلك إذا حدث ما كان مقدمة لفتح مكة، ولاستقرار الإسلام بها استقرارًا كان له أثر بالغ في إسلام العرب، وفيما أسبغ على مكة بعد ذلك من قدسية فاقت ما كان لها في الجاهلية وظلت خالدة على الزمان.