وقد استغرقت الردة وقمعها نحو عام، فلما استهل العام الثاني عشر للهجرة كانت الوحدة العربية قد عادت أقوى مما كانت، وكان المجال في بدء هذا العام فسيحًا أمام النظام الجديد، وكانت القلوب يقظى قد استهوتها المبادئ الجديدة بما فيها من قومية ودين، وتكاد القومية تكون دافعًا أقوى من الدين على تحريك الشعوب وإنهائها، فمن الشعوب من غيَّر دينه أكثر من مرة وظل مع ذلك محتفظًا بقوميته، وكان إحساس العرب بوحدتهم وقوميتهم على يد الحكومة اليثربية أمرًا لم يُتَحْ لهم من قبل، وبهذا تمت الفكرة التي بدأها النبي -صلى الله عليه وسلم- وحققها، فتأيدت وتدعمت على يدي أبي بكر، وتحقق للعرب إلى وحدة اللغة وتجانس النسب ووحدة الدم وحدة الدين ووحدة الدولة وكان ذلك حدثًا خطيرًا وخطوة جبارة تكاد تكون معجزة أقوى من المعجزة التي تلتها وهي معجزة الفتوح.