للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويكنّون عن المرأة التي كبر سنّها فيقولون: قد جمعت الثياب أي تلبس القناع والخمار والإزار، وليست كالفتاة تلبس ثوباً واحداً.

ويكنّون عن الخاضب فيقولون: يسوّد وجه النذير، قال الشاعر:

وقائلة لي أخضب فالغواني ... تطير من ملاحظة القتير

فقلت لها المشيب نذير موتي ... ولست مسوّداً وجه النذير

وزاحم شابّ شيخاً في الطريق، فقال الشاب: كم ثمن القوس؟ يعيره بانحناء الظهر، فقال الشيخ: يابن أخي إن طال بك عمرٌ فسوف تأتيك بلا ثمن، وأنشد لابن أحنف:

تعيرني وخط المشيب بعارضي ... ولولا الحجول البلق لم تعرف الدهم

حنى الشيب ظهر فاستمرّت مريرتي ... ولولا انحناء القوس لم ينفذ السهم

ويقولون من رشى القاضي أو غيره: صبّ في قنديله زيتاً، وأنشد بعضهم:

وعيدُ قضاتنا خبث ومكرٌ ... وزرعٌ حين تسقيه بسنبل

إذا ما صبّ في القنديل زيت ... تحوّلت القضية للمقندل

وكان أبو صالح كاتب الرشيد ينسب إلى أخذ الرشى، وكاتب أُمّ جعفر وهو سعدان بن يحيى كذلك، فقال لها الرشيد يوماً: أما سمعت ما قيل في كاتبك؟ قالت: ما هو؟ فأنشد:

صبّ في قنديل سعدا ... ن مع التسليم زيتا

وقناديل بنيه ... قبل أن تخفي الكميتا

قالت: فما قيل في كاتبك أشنع، وأنشدته:

قنديل سعدان على ضوئة ... فرخٌ لقنديل أبي صالح

تراه في مجلسه أخوصاً ... من لمحه للدرهم اللائح

ويقولون لمن طلّق ثلاثاً: نجزها بمثلّثة.

ويكنّون عن العزيز وعن الذليل فيقولون: بيضة البلد، فمن يقولها للمدح يذهب إلى أنّ البيضة هي الحوزة والحمى، يقولون: فلان يحمي بيضته أي يحمي حوزته وحمايته، ومن يقولها للذمّ يعني أنّ الواحدة من بيض النعام إذا فسدت تركا أبواها في البلد وذهبا عنها، وقول الشاعر في المدح:

لكنَّ قاتله من لا كفاء له ... قد كان يُدعى أبوه بيضة البلد

وقال الآخر في الذم:

حيا قضاعة لم تعرف لكم نسباً ... وابنا نزار فأنتم بيضة البلد

ويقولون للشيء الذي يكون في الدهر مرّةً واحدةً: هو بيضة الديك.

ويقولون لمن يحمد جواره: جاره جار أبي دؤاد؛ وهو كعب بن مامة الأيادي، كان إذا جاوره رجل فمات وداه، وإن هلك عليه شاة أو بعير خلّفه عليه، فجاوره أبو دواد الأيادي فأحسن إليه، فضُرب به المثل.

ومثل قولهم: هو جليس قعقاع ابن شور، وكان من حديثه أنّه قدم إلى معاوية، فدخل عليه والمجلس غاصّ بأهله ليس فيه مقعد، فقام له رجل من القوم وأجلسه مكانه، فلم يبرح القعقاع من ذلك الموضع يكلّم معاوية ومعاوية يخاطبه حتّى أمر له بمائة ألف درهم فأحضرت إليه فجعلت في جانبه، فلمّا قام قال للرجل القائم له من مكانه: ضمّها إليك فهي لك بقيامك لنا عن مجلسك، فقيل فيه:

وكنت جليس قعقاع بن شور ... ولا يشقى بقعقاع جليس

ضحوك السنّ إن نطقوا بخير ... وعند الشرّ مطراقٌ عبوس

ويكنّون عن السمين من الرجال: هو جار الأمير، وضيف الأمير، وأصله أنّ الغضبان بن القبعثرى كان محبوساً في سجن الحجّاج، فدعا يوماً فكلّمه فقال له في جملة خطابه: إنّك لسمين يا غضبان! فقال: القيد والرتعة والخفض والدعة، ومن يكن ضيف الأمير يسمن.

ونظر أعرابي إلى رجل جيد الكدنة (والكدنة هي اللحم والشحم) فقال: أرى عليك قطيفة محكمة؟ قال: نعم ذاك عنوان نعمة الله عندي.

ويقولون للكذّاب: هو قموص الحنجرة، يقال: قمص الفرس وغيره استنَّ وهو أن يرفع يديه ويطرحهما معاً ويعجن برجليه. ويقال: هذه دابّة فيها قماص، سمّي الكذوب بهذا الإسم لأنّ حنجرته تتحرّك من غير رويّة كأنّها فرس قموص.

ويقال: هو زلوق الكبد، والمزلق المكان الذي لا يثبت فيه القدم، ويعنون بهذه الكناية أنّ نحر الكذوب لا يثبت فيه كلام ولا تماسك فيه بل مزلق الكلام ويخرج كيفما كان.

ويقولون فيه أيضاً: هو فاختة البلد من قول الشاعر:

أكذب من فاختة ... تصيح فوق الكرب

والطلع لم يبدُ لها ... هذا أوان الرطب

وقال آخر في المعنى:

حديث أبي حازم كلّه ... كقول الفواخت جاء الرطب

وهنَّ وإن كنَّ يشبهنه ... فليس يدانينه في الكذب

ويكنّون عن النمام بالزجاج لأنّه يشفُّ عمّا تحته، قال الشاعر:

<<  <   >  >>