للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:

وبِمَنْزِلَتِكَ عندهم حَتَّى يَكُونَ لكَ أولادٌ، ولا تَشْعُر بقيمة البِرّ حَتَّى يَكُون لكَ أولاد يَعُقُّونَك، حينَئذٍ تَشْعُر.

لَوْ قَالَ قَائِلٌ: قوله تَعَالَى: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ} هل معنى ذلك أَنَّهُ الآنَ بدأ يشكُر؟

لا، لَيْسَ معناه الآن بدأ يَشكُرُ، معناه الآنَ بدأ يَصْحُو.

لَوْ قَالَ قَائِلٌ: هَذِهِ الآيةُ قِيلَ: إنها نزلتْ فِي أبي بكرٍ؟

قُلْنَا: لا، والعِبرة بعُمُومِ اللفظِ، لا بِخُصُوصِ السَبَبِ، حَتَّى لو نزلتْ فِي أيِّ إنْسَانٍ؛ لأن صحوةَ الْإِنْسَانِ حقيقة بعدَما يَكْبَر ويُولَد له أولادٌ، فيعرف قَدْر الوالدينِ، وإلا قبلُ فَهُوَ طائشٌ، ويؤاخَذ عَلَى ذلكَ؛ لأن التكليفَ فِي سنِّ خَمْسَةَ عَشَرَ عامًا.

لَوْ قَالَ قَائِلٌ: قولُ ابن عباسٍ -رضي اللَّه عنه-: إنَّ العقلَ يَكْمُلُ عندَ خمسٍ وعشرينَ وسبعٍ وعشرينَ، أَلَا يَتَعَارَضُ معَ الآيةِ؟

الجواب: لا أعرِفُ عنِ ابنِ عبَّاس هَذَا القَوْل، إِنَّمَا الآياتُ تَدُلُّ عَلَى أنَّ الكمالَ بالأربعينَ، ويدلُّ عَلَى هَذَا أنَّ اللَّهَ ما بَعَثَ نبيًّا إِلَّا بعدَ سِنِّ الأربعينَ، فالرَّسول -صلى اللَّه عليه وسلم- لمَّا تمَّ له أربعونَ بُعث، وَهِيَ فِي الحقيقةِ استكمال العقل والقوى، فبعد الأربعينَ بعشر سنوات وَمَا أَشْبَهَ ذلك يَضْعُفُ.

* * *

<<  <