للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٤٧)]

* * *

* قالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا} [الفرقان: ٤٧].

* * *

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا} ساترًا كاللِّباسِ {وَالنَّوْمَ سُبَاتًا} راحةً للأبدانِ بِقَطْعِ الأعمالِ، {وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا} منشورًا فِيهِ لِابتغاءِ الرزقِ وغيرهِ]، هَذَا أَيْضًا مِنَ النِّعَمِ الَّتِي لا يستطيعُ أحدٌ أن يأتيَ بها إلَّا اللَّه.

قوله: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ} (اللام) للتعليلِ، أي: مِنْ أجْلِكم، جعل مِنْ أجْلِكم الليلَ لِباسًا، ومعنى لِباسًا ساترًا كاللّباس، وذلك لظلامِهِ، ولهذا الْإِنْسَان ربَّما يخرُج في الليلِ بثيابٍ لا يستطيعُ أنْ يخرجَ بها في النهارِ، فربما يخرج بثياب ليأتيَ بحوائجَ في الليلِ لا يستطيعُ أن يخرجَ بها في النهارِ؛ لِأَنَّ الليلَ يَستُر، فَهُوَ لِبأسٌ، وهل هو لِباسٌ للأرضِ أو لبأسٌ لنا؟ للجميعِ؛ لِأنَّهُ يكسو الْأَرْضَ ويكسو الْإِنْسَانَ في الواقعِ، فَهُوَ كاسٍ للأرضِ وكاسٍ أَيْضًا للإنْسَانِ.

وقوله: {وَالنَّوْمَ سُبَاتًا} السَّبْتُ بمعنى القَطْع، والمُفَسِّر فسَّره بالراحةِ، وهو من باب تفسيرِ الشَيْءِ بلازمهِ، وإلَّا فَهُوَ قطعٌ لِتَعَبِ البدنِ، ولذلك يُكسِب البدن راحة، ففيه هَذِهِ الْفَائِدَةُ العظيمةُ؛ أنَّهُ يَقطَع التعبَ السابقَ، وليس كما قَالَ المُفَسِّر: [بقطع الأعمالِ]، وقصده رَحِمَهُ اللَّه أنَّ الْإِنْسَانَ إذا نامَ لا يعمَل، هَذَا وجهٌ كونه سُباتًا،

<<  <   >  >>