للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٥٩)]

* * *

* قالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} [الفرقان: ٥٩].

* * *

قوله: {الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} وعندي مكتوبٌ فِي نسختي قبل قولِه: {الَّذِي خَلَقَ} [هو]، ومكتوبةٌ داخل القوس ومشكولة أَيْضًا، وهذا لَيْسَ بصحيح، فـ (هو) ليستْ منَ القُرْآنِ.

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [هو {الَّذِي خَلَقَ}]، قدَّر المُفَسِّر هَذَا المبتدأَ ليَجْعَلَ الجملةَ مستأنَفةً منفصِلة عمَّا قبلَها من حيثُ الإعرابُ، مع أَنَّهُ يجوزُ فِيهَا وجهٌ آخرُ؛ أنْ تكونَ صفةً لِقَوْلِهِ: {الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ}، يَعْنِي: وتوكَّلْ عَلَى الحيِّ الَّذِي لا يموتُ الَّذِي خلقَ السَّمواتِ والْأَرْضَ، فيَكُون فِي قوله: {الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ} بيانٌ لصفتِه الذَّاتيَّة، وَفي قولِهِ: {الَّذِي خَلَقَ} بيانٌ لصفتِه الفعليَّة، وبهذا يَتَحَقَّق أنْ يَكُونَ عَزَّ وَجَلَّ أهلًا للاعتمادِ والتوكُّل؛ لِأَنَّ مَن هَذَا وَصْفُه وهذا فِعْلُه جَديرٌ بأنْ يُخَصَّ بالتوكُّلِ، أمَّا عَلَى ما ذهبَ إليه المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ فَهُوَ يَجعَل الجملةَ مستأنَفةً، وَهِيَ أَيْضًا وإنْ كانتْ مستأنفةً من حيثُ الإعرابُ؛ فإنها مِن حيثُ المعنى متَّصِلَة بما قبلها، تدلُّ عَلَى كمالِ قُدرته، وأنه جَديرٌ بأن يُخَصَّ بالتوكُّل، تَبَارَكَ وَتَعَالَى.

قوله: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} أَوجَدَهَا، وإنما يُسَمَّى الإيجادُ خَلقًا إذا كَانَ

<<  <   >  >>