للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٣٧)]

* * *

* قالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا} [الفرقان: ٣٧].

* * *

بدأ بذكر موسى عَلَيْهِ السَّلَامُ، معَ أَنَّهُ متأخِّر بالنسبةِ إلى قومِ نوحٍ، فما هي الحِكمة من ذلك؟ فالجواب: لِأَنَّ فرعونَ أقربُ عَهْدًا، وأشدُّ عُتُوًّا من قوم نوحٍ.

قوله: {وَقَوْمَ نُوحٍ} الناصب لها موجودٌ، ليس مقدَّرًا، وهو قوله: {أَغْرَقْنَاهُمْ}، فَهُوَ من باب الاشتغالِ، ولكن لماذا نَصَبَ مع أن الراجحَ في ظاهر القول الرفعُ؟ نقول: لِأَنَّهُ عُطِف على جملةٍ فعليَّة، وإذا كان معطوفًا على جملة فعلية فتقديرُ الفعلِ أَولى من المبتدأ؛ لأجل أن تتناسب الجملتانِ، يُعْطَف فعل على فعلٍ، يعني: فدمَّرناهم تدميرًا، وأغرقنا قوم نوح لمَّا كذَّبوا الرُّسُل، فدمَّرنا وأغرقنا قوم نوح.

وعلى رأي المُفَسِّر رًحمَهُ اللَّهُ فإن {وَقَوْمَ نُوحٍ} منصوب بتقدير: اذْكُرْ قوم نوحٍ لمَّا كذَّبوا الرُّسُلَ أغرقناهم، ولكننا نقول: لا نحتاج إلى تقدير، والمسألةُ من بابِ الاشتغالِ، والاشتغالُ معروف، والاشتغال مثل النِّكاح، فالنكاح تَجري فيه الأحكامُ الخمسةُ، والاشتغال أيضًا تَجري فيه الأحكامُ الخمسةُ، أحيانًا يَجِب الرفع، وأحيانًا يَجِب النصب، وأحيانًا يَتَرَجَّح النصب، وأحيانًا يَتَرَجَّح الرفع، وأحيانًا يَتساوَى الأمرانِ، فتجري فيه الأحكام الخمسة، أحكام النحو، لا أحكام التكليف في الشرع،

<<  <   >  >>