للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٧٢)]

* * *

* قالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} [الفرقان: ٧٢].

* * *

قوله: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} هَذهِ مَعْطُوفَةٌ عَلَى قولِه: {الَّذِينَ يَمْشُونَ}، وسَبَقَ أنَّ الصحيحَ أنَّ {الَّذِينَ يَمْشُونَ} خبرٌ وليستْ صِفَةً كما قَالَ المُفَسِّر.

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} أي الكَذِبَ والبَاطِلَ]، معنى الزُّور مِنِ ازْوَرَّ، أي: مالَ وانْحَرَفَ، {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ} [الكهف: ١٧]، فالزُّور كل مَيْل قَوليّ أو فِعليّ إنْ كَانَ قولًا وُصِفَ بالكَذِبِ، وإنْ كَانَ فِعْلًا وُصِفَ بالباطلِ، فكل قولٍ أو فعلٍ مائلٌ عنِ الطَّريقِ فَإِنَّهُ زُورٌ، فالكَذِبُ زُور، والشَتْمُ واللَّعْن والغِيبة زورٌ أيضًا، والغَصْب والسَّرِقَة والزِّنَا وغير ذلك زورٌ أَيْضًا، لكِن قد نُسَمِّيهِ باطِلًا إذا كَانَ فِعْلًا.

فالهمُّ أنَّهم لا يَشهَدون الزُور، وإذا كانوا لا يَشهَدون الزورَ فهل يفعلونه؟ من باب أَولَى؛ لأنَّهم إذا كانوا لا يَحْضرُونَهُ فإنهم لا يَفْعَلُونه قَطْعًا؛ إذ لوْ فَعَلوه لحَضَرُوه، كلُّ فاعلٍ حاضِر، وليس كل حاضرٍ فاعلًا عَلَى وجه الحقيقةِ، لَكِنه فاعلٌ حُكْمًا؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} [النساء: ١٤٠]،

<<  <   >  >>