الْفَائِدَةُ الْأُولَى والثَّانيةُ: إثباتُ خلقِ السَّمواتِ والْأَرضِ، وأنها كانتْ معدومةً، فيَكُون فِي هذَا ردٌّ لقولِ الفلاسفةِ القائلينَ بِقِدَمِ الأفلاكِ؛ لِأَنَّ ما كَانَ مخلوقًا فَإِنَّهُ لَيْسَ بقديمٍ، والمراد بقولنا: لَيْسَ بقديمٍ بالمعنى المصْطَلَح عليه عندَ الفلاسفةِ؛ أن القديمَ هو الأزليّ، لا أن المراد القِدَم اللُّغَوي؛ لأنَّ القديمَ فِي اللغةِ هو الشَيْءُ المتقدِّم، وإن كَانَ حادثًا، كما قَالَ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ}[يس: ٣٩]، لكِن فِي اصطلاح الفلاسفةِ إذا قالوا: قديمٌ، فمَعْنَاهُ أزليٌّ، لَيْسَ بحادثٍ. نقولُ: هذه الآية تَرُدُّ عليهم؛ لِأَنَّ اللَّه يقول:{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ}.
الْفَائِدَة الثالثة: أن الَّذِي يَنبغي أن يلاحظَه الفاعلُ هو الإتقانُ والتثبُّت فِي الأمورِ؛ حَتَّى يخرجَ الشَيْءُ المَفْعُولُ عَلَى الكمالِ، وهذا ما أشارَ إليه المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ.
الْفَائِدَة الخامسة: كمالُ قُدرة اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لأنَّ هذه السَّمواتَ والْأَرضَ وما بينَهما أمورٌ عظيمةٌ، لا يستطيعُ الخَلْقُ أن يَخْلُقُوها أبدًا، لا فِي ستَّة أيامٍ ولا فِي ستِّينَ قَرنًا، الَّذِينَ صَنَعُوا الأقمارَ الصناعيَّةَ أوَّل ما أَخْرَجوها نعلم ماذا حصل من الضَّجَّة العظيمة، والتعظيم العظيم لِهَوُلَاءِ الَّذِينَ صَنَعُوها، معَ أنها ليستْ بشَيْءٍ بالنسبةِ لأقربِ نَجْمٍ فِي السَّمَاءِ، لا بذاتِه ولا بالحجمِ، ولا بالكيفيَّة، ولا بالقوَّة، ولا بالانتظامِ، فإنها تزول فِي آخِر الأمر ويَختلف نِظامها وتَتْلَف.
الحاصلُ: أن فِي خلقِ السَّمواتِ والْأَرْضِ، ولو فِي الأيَّام الستَّة، فِيهِ دليلٌ عَلَى