هَذِهِ الآيةُ فِيها عِدَّة قراءاتٍ: أولًا (الرياح) فِيهَا قراءتانِ سبْعِيَّتانِ، والدليل أن المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ إذا قَالَ: وَفِي قراءة، فهي سَبْعِيَّة، وإذا قَالَ: وقُرِئَ فهي شاذَّة، ففيها قراءتانِ:(الرياح) و (الريح)(١)، وبهذا نَعْرِف أن ما اشتهر من قولهم: إن الريح لا تكونُ إِلَّا فِي العذابِ، والرياح تكون فِي الرَّحمةِ، لَيْسَ عَلَى إطلاقِهِ، وأنه قد يُؤتَى بالرِّيحِ مُفْرَدًا فِي ريحِ الرَّحمةِ، لَكِنَّهُ له قَرينة، فهنا لما قال:{بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} عَرَفْنَا أنها ريح رحمةٍ، وكَذَلِك قولُه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ} ماذا بعدَها {طَيِّبَةٍ}[يونس: ٢٢]، هَذِهِ ريح رَحْمة، لكنها وُصِفَتْ، فأمَّا عند الإطلاقِ فالغالبُ أن الريحَ للعذابِ.
وقوله:{بُشْرًا} فِيهِ عدة قراءات: أوَّلًا (نُشُرا) بضم النون والشين، ومعنى نُشُرًا يقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ:[مُتَفَرِّقة]، يَعْنِي أنها تكون أحيانًا جنوبًا، وأحيانًا شمالًا، وأحيانًا غربًا، وأحيانًا شرقًا، وبهذا التفرُّقِ يَتَوَلَّد السَّحاب ثم المطر.