للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٤٨)]

* * *

* قالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: ٤٨].

* * *

هَذِهِ الآيةُ فِيها عِدَّة قراءاتٍ: أولًا (الرياح) فِيهَا قراءتانِ سبْعِيَّتانِ، والدليل أن المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ إذا قَالَ: وَفِي قراءة، فهي سَبْعِيَّة، وإذا قَالَ: وقُرِئَ فهي شاذَّة، ففيها قراءتانِ: (الرياح) و (الريح) (١)، وبهذا نَعْرِف أن ما اشتهر من قولهم: إن الريح لا تكونُ إِلَّا فِي العذابِ، والرياح تكون فِي الرَّحمةِ، لَيْسَ عَلَى إطلاقِهِ، وأنه قد يُؤتَى بالرِّيحِ مُفْرَدًا فِي ريحِ الرَّحمةِ، لَكِنَّهُ له قَرينة، فهنا لما قال: {بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} عَرَفْنَا أنها ريح رحمةٍ، وكَذَلِك قولُه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ} ماذا بعدَها {طَيِّبَةٍ} [يونس: ٢٢]، هَذِهِ ريح رَحْمة، لكنها وُصِفَتْ، فأمَّا عند الإطلاقِ فالغالبُ أن الريحَ للعذابِ.

وقوله: {بُشْرًا} فِيهِ عدة قراءات: أوَّلًا (نُشُرا) بضم النون والشين، ومعنى نُشُرًا يقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [مُتَفَرِّقة]، يَعْنِي أنها تكون أحيانًا جنوبًا، وأحيانًا شمالًا، وأحيانًا غربًا، وأحيانًا شرقًا، وبهذا التفرُّقِ يَتَوَلَّد السَّحاب ثم المطر.

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [وفي قراءةٍ بسكونِ الشينِ تخفيفًا: نُشْرًا]، وقوله (تخفيفًا)


(١) الحجة في القراءات السبع (ص ٢٦٥).

<<  <   >  >>