للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٥٦)]

* * *

* قالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [الفرقان: ٥٦].

* * *

لمَّا عاب عَلَى هَؤُلَاءِ ما يَتَعَلَّق بتحقيقِ التَّوحِيدِ، وَهُو عبادةُ غير اللَّهِ، انتقلَ بعد ذلكَ إِلَى تحقيقِ الرِّسَالةِ، لِأَنَّ الإسلامَ شهادةُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللَّهُ، وأن مُحَمَّدًا رسولُ اللَّهِ، فتحقيقُ العِبَادَةِ أتى بلومِهِم عَلَى عبادةِ غيرِ اللَّهِ، ثم جاء تحقيقُ الرِّسَالةِ؛ قالَ رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا} بالجنَّة {وَنَذِيرًا} مخوِّفًا مِنَ النارِ].

قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا} (إلَّا) للاستثناءِ لِأَعَمّ الأحوالِ، يَعْنِي ما حالُك فِي الرِّسَالة إِلَّا هذينِ الأمرينِ، وهما البِشارة والإنذار، والبشارة للمؤمنينَ بالجنةِ، والدليل عَلَى هَذَا قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا} [الأحزاب: ٤٧]، وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي سورة الكَهْفِ: {لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (٢) مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (٣) وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (٤) مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ} [الكهف: ٢ - ٥]، وقد سبقَ أنَّ النذيرَ بمعنى المخبِر بما يُخَوِّف، إذَن وصف الرَّسولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بالنسبةِ لَمِا يتعلق بالرِّسَالةِ هذانِ الأمرانِ فقطْ.

إِذَا قَالَ قَائِلٌ: أليسَ الرَّسولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ معلِّمًا يُعَلِّمُ النَّاسَ الأحكامَ، كيف يَكُون هَذَا الاستثناء من أعمِّ الأحوالِ؛ لأننا قُلْنَا: إن هَذَا مُسْتَثْنًى من أعمِّ الأحوالِ،

<<  <   >  >>