للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٧٥)]

* * *

* قالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا} [الفرقان: ٧٥].

* * *

قوله: {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا} جزاءُ عِبَاد الرَّحمنِ أَنَّهُمْ يُجْزون الغرفةَ بما صَبَرُوا. وأنواع الصبرِ: صَبْرٌ عَلَى أحكامِ اللَّهِ القَدَرِيَّة، وصبرٌ عَلَى أحكامِه الشرعيَّة، والصبرُ عَلَى الأحكامِ الشرعيَّة يَنْقَسِمُ إِلَى قسمينِ؛ صبر عَلَى ما حَرَّمَ اللَّهُ، وصبرٌ عَلَى ما أمرَ اللَّهُ به.

قوله: {يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا} (الباء) للسَبَبيَّة، و (ما) مصدريَّة، أي بِصَبْرِهِم، إذا قُلْنَا: إن الباءَ للسَبَبيَّة فكيف نَجْمَعُ بينَها وبينَ قولِهِ تَعَالَى: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: ١٧]؟

الجواب: هما مُتَّفِقانِ، فقوله: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} مثلُ قولِهِ: {يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا}، فلا تَعَارُضَ بينَهما، فـ (الباء) للسَبَبيَّة فِي هذا وهذا، لكِن نَحتاجُ إِلَى الجمعِ بينَهما وبينَ الحديثِ الصحيحِ: "لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مِنكُمُ الجَنَّةَ بِعَمَلِهِ" (١)، نقول: إن (الباء) فِي قوله: "لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مِنكمُ الجَنَّةَ بِعَمَلِهِ" لِلْعِوَض، فالمنفيُّ (باء)


(١) أخرجه البخاري: كتاب الرقاق، باب القصد والمداومة على العمل، رقم (٦٤٦٣)، ومسلم: كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب لن يدخل أحد الجنة بعمله بل برحمة اللَّه تعالى، رقم (٢٨١٦)، واللفظ لأحمد (٢/ ٢٥٦).

<<  <   >  >>