للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٢٦)]

* * *

* قالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا} [الفرقان: ٢٦].

* * *

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّه: [{الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ} لا يَشْرَكُه فيه أَحَدٌ].

قوله: {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ} الحق صفة للمُلْك، يعني الملك الثابت المؤكَّد المحقَّق في ذلك اليوم للَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

قوله: {لِلرَّحْمَنِ} والملك للرحمن سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في ذلك اليوم وفي غيرِه، لكِن ملكيته تَبَارَكَ وَتَعَالَى في ذلك اليومِ أظهرُ وأبينُ؛ لِأَنَّ الدُّنْيا فيها مُلُوك، وفيها مَن يَمْلِكُ التصرُّفَ، وفيها مَن يقال له: مَلِك، لكِن في الآخِرة لا يوجد مَلِك، النَّاس على حدٍّ سواء، يقول اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر: ١٦]، فالملك في ذلك اليومِ لا يَكُونُ لأحدٍ سِوَى اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى.

وفي قوله: {لِلرَّحْمَنِ} ولم يقلْ: (للَّه) إشارة إلى كثرة رحمةِ اللَّهِ في ذلكَ اليومِ، كما جاء في الحديثِ الصحيحِ: "إِنَّ للَّهِ مئة رَحْمَةٍ، انزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً بَيْنَ الجنِّ وَالْإِنْسِ وَالْبَهَائِمِ وَالهَوَامِّ، فَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ، وَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ، وَبِهَا تَعْطِفُ الْوَحْشُ عَلَى وَلَدِهَا، وَأَخَّرَ اللَّهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" (١)، فيظهر من رحمة اللَّه


(١) أخرجه البخاري: كتاب الأدب، باب جعل اللَّه الرحمة مئة جزء، رقم (٦٠٠٠)، ومسلم: كتاب الرقاق، باب في سعة رحمة اللَّه تعالى وأنها سبقت غضبه، رقم (٢٧٥٢).

<<  <   >  >>