للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٥٤)]

* * *

* قالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا} [الفرقان: ٥٤].

* * *

من كمالِ قُدْرَةِ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أنْ خَلَقَ من الماءِ بَشَرًا وقسمه إِلَى قسمينِ، هما: النَّسَب، والصِّهر أي الزوجية، وقُلْنا: إن هذه أسباب الصِّلَة بَيْنَ النَّاسِ؛ إمَّا صلة بالوِلادة؛ النَّسَب، أو بالنِّكاح وهو المصاهَرَة.

وقوله: {وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا} يقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [قادرًا عَلَى ما يشاءُ]، نحن نناقش المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ فِي تفسر قَدِير بقادِر، وَفِي تقييد المطلَقِ بما يشاءُ:

أوَّلًا: أمَّا تفسيرُ قَدِيرٍ بقادِرٍ فهذا يُعْتَبرُ نقصًا فِي التفسيرِ؛ وذلك لأنَّ {قَدِيرًا} إمَّا أنْ تكونَ صفةً مُشَبَّهَةً، وإمَّا أنْ تكونَ صيغةَ مبالَغَةٍ، أمَّا قادِر فهي اسْمُ فاعلٍ مجَرَّد، لا تدلّ عَلَى ما تدل عليه الصِّفةُ المشبَّهة، ولا عَلَى ما تدلُّ عليه صيغة المبالغةِ، فهذا نوعٌ مِنَ القُصُور فِي تفسيرِ القُرْآنِ.

ثانيًا: إنَّ القُرْآن مطلَقٌ {وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا}، وهنا قيَّده بقوله: [على ما يشاء] وكلمة (على ما يشاء) نحن نعرِف أن من النَّاسِ من يَكُون هَذَا القيد عنده دالًّا عَلَى بدعةٍ ارتكبها؛ لِأَنَّ القَدَرِيَّة يَقُولُونَ: إن اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لا يَقدِر إِلَّا عَلَى ما يشاء، وإنَّه لا يشاء أفعالَ العبادِ، وعلى هَذَا فلا يَكُونُ قادرًا عليها، ولَا شَكَّ أنَّ هَذَا قولٌ تُبْطِلُه

<<  <   >  >>