قوله:{وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ} هَذِهِ الجملة مؤكَّدة بثلاثةِ مؤكِّدات؛ بـ (اللام) و (قد) والقَسَم المقدَّر، والمقصود بالتوكيدِ تقريرُ الأمرِ الواقعِ، فليس الخبر كالمعايَنة، فهم الآن يعاينون ما حلَّ بهَذه القريةِ من عذابِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لأَنَّهُمْ يمرون عليها، قال تَعَالَى: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (١٣٧) وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [الصافات: ١٣٧].
قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَلَقَدْ أَتَوْا} أي مَرَّ كفَّار مكَّة {عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ} مصدر ساء، أي: بالحجارة، وهي عُظمَى قُرى قومِ لُوطٍ، فأهلكَ اللَّهُ أهلَها لِفِعْلِهِمُ الفاحشةَ]، يقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّه:[مر كفار مكة](مر) تفسير لـ (أتى)، (كفار مكة) تفسير (للضمير: للواو) يعني أن كفار مكة مرُّوا على القرية الَّتِي أُمطرت مَطَرَ السَّوء، وهي قرية قوم لوطٍ، وقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ:[وهي عُظمَى قُرَى قوم لوط] عُظمَى قرى يُستفاد منه أن القرى أكْثَر من وَاحِدةٍ.
وقد قيل: إنها سَبع قُرى، ولكن ظاهر القُرْآن أنها قريةٌ وَاحِدةٌ؛ كما قال اللَّه تَعَالَى في الرُّسُل: {قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ (٣١) قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا} [العنكبوت: ٣١ - ٣٢]، إلى آخِره، فكون القُرْآن يأتي باسْم