بمعنى (في)، يَقُولُونَ: مُطِرْنا بالشبط، مُطِرْنا بالمربعانية، وَمَا أَشْبَهَ ذلك، فهذا لَيْسَ بِكُفْرٍ، نقول: إن (الباء) تأتي للظرفيَّة كثيرًا، وهم يريدون بِها الظرفيَّة، فلا بأسَ به، حَسَب النيَّة.
ومِنَ الكُفْرِ بِهَذَا المطرِ مِمَّا لم يَذْكُرِ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ أنْ يُجْعَلَ ذلك سَبَبًا للأَشَر والبَطَر، مثلما يَحْصُل من بعضِ النَّاسِ إذا نزلتِ الأمطارُ وكَثُرَتِ الأبيارُ؛ صارتْ سَبَبًا لِأَشَرهِ وبَطَرِه وفُسُوقه، فهَذَا من أسبابِه، ومن أسبابِ الكفرِ أَيْضًا أَنَّهُ إذا امتنعَ المطرُ صار امتناعُه سَبَبًا لِقُنُوطِ الْإِنْسَانِ من رحمةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، والقُنُوط من رحمةِ اللَّهِ من كبائرِ الذنوبِ، وَلَيْسَ بالأمرِ الهيِّن، فلا يجوزُ للإنْسَانِ أنْ يَقْنُطَ من رحمةِ اللَّهِ، ولا أنْ يأمَن مَكْرَ اللَّهِ، لا هَذَا ولا هذا.
الْفَائِدَةُ الثالثةُ: بُلُوغ الغايةِ فِي الكُفْرِ من بعضِ النَّاسِ؛ لأَنَّهُ إذا كَانَ اللَّه تَعَالَى يُرِيهم آيةً ليَتَذَكَّروا بِهَا، فلا يزدادون إِلَّا كُفُورا، فهذا -والعياذُ باللَّهِ- فِي غايةِ ما يَكُونُ مِنَ الكفرِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إذا لم تَحْصُلْ له الآياتُ فقد يُعْذَرُ بِكُفْرِهِ، لكِن إذا حَصَلَتِ الآياتُ ولم يَنْتَفِعْ صارَ أشدَّ.