[الآية (٦٤)]
* * *
* قالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} [الفرقان: ٦٤].
قَالَ المُفَسِّر: [{وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا} جَمْع سَاجِد {وَقِيَامًا} بمعنى قائمينَ، أي يُصَلُّون الليلَ]، قوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [يصلون الليل] أَخَذَهُ من قَوْلِهِ: {يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا}.
قوله: {يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} هَذَا معطوفٌ عَلَى ما سَبَقَ، وتقديم المعمولِ أو المتعَلِّق يَدُلّ عَلَى الحَصْرِ، يَعْنِي: لا يَسْجُدُون رِيَاة ولا سُمْعَةً، وإنَّما يَسْجُدُون للَّه وَحْدَهُ: لِرَبِّهِم، وَفي قوله: {لِرَبِّهِمْ} دونَ قولِهِ: (للَّه) إشارةٌ إِلَى أن هَذَا السجودَ يُرِيدُونَ بِهِ ثوابَ اللَّهِ ورِضْوَانَه؛ لِأَنَّ الربَّ هو المالِكُ المتصرِّف، ومن مُلْكِه وتَصَرُّفِه مُجَازَاة هَؤُلَاءِ عَلَى أعمالم.
وقوله: {سُجَدًا} الساجِدُ معروفٌ، {وَقِيَامًا} والقائم أَيْضًا معروفٌ، يَعْنِي قائمينَ، ولم يَذْكُرِ اللَّهُ الركوعَ، ولم يَذْكُرِ القعودَ؛ لِأَنَّ القيامَ أشرفُ ما فِي الصلاةِ من حيثُ ذِكْرُه؛ أي مِن حيثُ الذِّكْرُ الَّذِي هو القُرْآنُ، والسجودُ أشرفُ ما فِي الصلاةِ من حيثُ الحالُ والهيئةُ، قَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ" (١)، فَذَكر القيامَ لِشَرَفِه بِذِكْرِه، أي: بما يُقالُ فِيهِ، وذكرَ السجودَ لِشَرَفِه بِهَيْئَتِهِ، فدلَّ ذلكَ
(١) أخرجه مسلم: كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، رقم (٤٨٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute