للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٤٣)]

* * *

* قالَ اللَّه عزَّ وَجَلَّ: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا} [الفرقان: ٤٣].

* * *

بعد أنْ بَيَّن أمثلةً لكفَّارِ قريشٍ من الأممِ الَّذِينَ أهلكهم اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى بسب تكذيبهم للرسل، وبَيَّنَ أن من هَذِهِ الأُمَم من كانوا أتوْا عليها، وهي قرية قوم لوطٍ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوء؛ انتقل اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بعد ذلك إلى ما هو أقبحُ وأشدُّ في التوبيخِ، وهو كونهم لا يَرجُون نشورًا، يعني لا يرجون بَعثًا، لا يؤمِّلونه ولا يخافونه، ثم انتقل اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بعد هَذَا إلى حالِ هَؤُلَاءِ مع الرسولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الَّذِي كان يَجِب علينا أن نُجِلَّه ونُعظِّمه ونوقِّره، وذكر أن هَؤُلَاءِ المكذِّبين اتَّخذوه هُزُوًا، وقوله: (اتَّخَذُوهُ هُزُوًا) أشدُّ وأبلغُ من قوله: هزِئوا به، يعني جعلوه كأنه صورة يُهْزَأُ بها, لكِن لو قال استهزءُوا به صار فعلًا، والفعل المطلَق يدلّ على المرَّة الوَاحِدة، بخلاف الأوَّل الَّذِي جعلوه كالصورة الَّتِي يُهْزَأُ بها.

ثم بَيَّن أنَّهُ مع اتخاذهم إياه هُزُوًا أَنَّهُمْ يَسخَرون به في القول، يَقُولُونَ: {أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا} [الفرقان: ٤١]، احتقارًا له، ثم يَفتخِرون مع احتقارِهم له بأَنَّهُمْ صبروا على آلهتهم، وأن دعوة النَّبي عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كان لها تأثير قوي، ولولا أَنَّهُمْ صبروا على آلهتهم لكانوا متأثِّرين بها: {إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا

<<  <   >  >>