قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ} سَمَاعَ تَفَهُّمٍ {أَوْ يَعْقِلُونَ} ما تقولُ لهم، {إِنْ} ما {هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} أخطأُ طَريقًا مِنها؛ لِأَنَّهَا تنقادُ لمِن يَتَعَهَّدُها، وهم لا يطيعون مولاهم المنعِمَ عليهم].
قوله:{أَمْ تَحْسَبُ} الخطاب إما للرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وإما لكل مَن يتأتَّى خِطابُه مِمَّن يصِحُّ خطابُه، وقوله:{أَمْ} بمعنى (بل) وهمزة الاستفهام، لكِن هل هي متَّصِلة أو منقطِعة؟ هي منقطعة؛ لِأَنَّهَا بمعنى (بل)، والمتصلة هي الَّتِي تكون بين أمرينِ متعادلينِ، مثل قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ}[المنافقون: ٦]، هَذِهِ متَّصلة، فالَّتِي تأتي بين شيئينِ متعادلينِ يُسمُّونها متصلةً؛ لِأَنَّهَا تصل الأوَّل بالثَّاني، وإذا لم تكنْ كذلكَ فهيَ منقطِعة، فقوله هنا:{أَمْ} ليس فيها معادِل، فتكون إذَن منقطِعةً بمعنى (بل) وهمزة الاستفهام.
وقوله:{تَحْسَبُ} بمعنى تَظُنّ {أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ} يعني أَنَّهُمْ لا يسمعون ولا يعقلون، وما المرادُ بالسمعِ؟ يقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ هنا:[سماع تفهُّم] وإنما قيَّده بسماع التفهُّم لأَنَّهُمْ يسمعون سَمْعَ إدراكٍ، لكنَّه لا ينفعهم؛ لأنَّهم