للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٣٣)]

* * *

* قالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} [الفرقان: ٣٣].

* * *

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ} في إبطالِ أمرِكَ {إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ} الدافع له {وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} بيانًا]، هَذَا من تثبيت قلب الرَّسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ} المراد بالمثل هنا الصِّفة؛ كما قال اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ} [محمد: ١٥]، والمَثَل كما هو معروف يُطلَق على الشبه {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا} [البقرة: ١٧]، ويُطلَق على الصِّفة، أو الوصف العظيم العجيب {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ} [محمد: ١٥]، ويُطلَق على المثل المعروف بين الأدباء وهو القول السائر الَّذِي يراد به تشبيه الحال الواقع بما سبق، أو ما أشبه ذلك، فالمراد بالمثل هنا الصِّفة، يعني لا يأتونك بصفةٍ من القولِ يريدون بها إبطال دعوتك إلا جئناك بالحق.

إذَن فهم يأتون بباطلٍ لِأَنَّهُ قابل قولهم بالحقِّ، فهذا دليلٌ أيضًا عَلَى أَنَّ كلَّ شُبهةٍ يَحتجّ بها المكذِّبون للرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، فهي باطلٌ، ولكن هَذَا الباطل باطل في ذاته، قد يظهر لبعضِ النَّاسِ بطلانُه، وقد يَخفَى على بعض النَّاس بطلانه، وهذا من الفِتَن، أي فتنة الشبهة، يعني ليس كل ما كان باطلًا معلومًا لكل أحدٍ، ولهذا أنت أحيانًا

<<  <   >  >>