للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٣)]

* * *

* قالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا} [الفرقان: ٣].

* * *

مناسبة هَذِهِ الآية لمَا قبلَها أنَّ اللَّه لمَّا أَثنَى على نفسِه بما أثنى به؛ ناسبَ أن يَذْكُرَ تلك الأصنام الَّتِي اتُّخِذَتْ من دونه -يعني من دون اللَّه آلهة- لِيَتبَيَّنَ حالُها؛ لأنَّ الأشياء تَتبَيَّن بما يَكُون لها من صفاتٍ.

قوله: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَاتَّخَذُوا} أي الكفَّار {مِنْ دُونِهِ} أي اللَّه]، أَمَّا الضمير الأول في قوله: {وَاتَّخَذُوا} فلم يُذكَر له مَرْجعٌ لَفْظِيٌّ، لكِن مَرْجِعُه معلوم بحسَب الحالِ؛ لِأَنَّ قوله: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ} أي: الكفار المتَّخِذون، فَهُوَ لا مَرْجِعَ له لفظًا، لكِن مرجعه معلوم بحالِ الواقعِ. وَأَمَّا قوله: {مِنْ دُونِهِ} فمرجعه ظاهر مما سبق؛ لأنَّ اللَّه تحَدَّثَ عن نفسه بقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ} إلى أن قال: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ}.

وقوله: {آلِهَةً} جَمعْ إله، وهَذِهِ الآلهة إِنَّمَا كانت آلهةً باتخاذِهِم، أَمَّا في الحقيقة فليستْ آلهةً؛ لِأَنَّهَا ليستْ مُسْتَحِقَّةً للعبادة؛ لِقَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (٢٠) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (٢١) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (٢٢)

<<  <   >  >>