للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} [النجم: ١٩ - ٢٣]، وقال يوسف عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: {أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (٣٩) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} [يوسف: ٣٩ - ٤٠]، فهي آلهة باسْمهم واعتقادهم، أَمَّا في الواقع فليستْ آلهةً، بمعنى أنها لا تَستحِقُّ أن تكون آلهةً، فعلى هَذَا مثلًا إذا قَالَ قائل: كيف أثبتَ اللَّهُ هنا أنَّها آلهةٌ {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً} مع أنَّ الأنبياء عَلَيْهِم السَّلَامُ كلَّهم يقولون لأقوامهم: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف: ٥٩]، واللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يقول: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة: ١٦٣].

كيف نَجمَع بين هَذَا النفي وبينَ هَذَا الإثباتِ؟

نَجْمَعُ بين هَذَا النفي وبين هَذَا الإثبات بأنَّ النفيَ باعتبارِ الحقيقةِ والواقع، فَإِنَّهُ لا إلهَ إلا اللَّه، ولا شكَّ في ذلك، وأمَّا الإثبات فَهُوَ بحسَب عمل هؤلاء، حيثُ جعلوا هَذِهِ آلهةً، أي مَعْبُودَةً، وهي لا شكَّ أنها تُعبَد، لَكِنَّها ليست مُستحِقَّة للعبادةِ، فبحسَب الاستحقاق يَكُون النفي، وبحسَب الواقع يَكُون الإثباتُ، بحسَب الاستحقاق يَكُون النفي يعني لا أحدَ يَستحِقّ ولا أحد يَكُون حقيقةً إلهًا سِوَى اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وأمَّا باعتبار الاعتقاد، وباعتبار العمل؛ فإنَّ مِنَ النَّاس مَنِ اعتقد وعمِل فجعل مع اللَّه إلهًا آخرَ، وحقيقة هَذِهِ الآلهة أنها ليست بشَيْءٍ، صحيحٌ أنها تُعبَد وتُدْعَى ويُركَع لها ويُسجَد ويُنذَر لها، لَكِنَّها في الواقع ليستْ مستحِقَّةً لهذا الأمرِ، فليستْ آلهةً.

ثُمَّ بَيَّنَ اللَّه هَذِهِ الآلهة المُتَّخَذة، فقال: {لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا}، وعدم خَلقهم دليلٌ على عجزهم، وعجزُهم دليل على أنَّهم لَيْسُوا آلهةً؛ لِأَنَّ الإلهَ لا بدَّ أن يَكُونَ

<<  <   >  >>