للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكِن لَيْسَ معنى ذلك أنك تتركُ الواجبَ، فحاوِلْ أنْ تُصْلِحَ أمرَكَ، وأن تُصْلح أمرَ غيرِكَ.

[من فوائد الآية الكريمة]

الْفَائِدَةُ الْأُولَى: أن مِن عادةِ الكفارِ إنكارُ ما لا يَعرِفون، سواء كَانَ عمليًّا أو اعتقاديًّا؛ لِقَوْلِهِ: {وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا}.

الْفَائِدَة الثَّانية: أن تعطيلَ الجهْمِيَّة وشُبههم أعظمُ مِن تعطيلِ هَؤُلَاءِ، فإذا كَانَ هَؤُلَاءِ كفرهم بإنكارِ الرَّحمنِ فكيف بمَن يُنكِر جميعَ الأَسْماءِ من الجَهْمِيَّة ونحوهم! ومعروفٌ أن المُعْتَزِلةَ لا ينكرون الأَسْماءَ، لكِن ينكرها غُلَاةُ الجهميَّة، ومعلوم أن الَّذِي ينكر الأَسْماءَ أعظمُ مِنَ الَّذِي ينكر اسْمًا وَاحِدًا، والكفار يُقِرّون باللَّهِ ويقرون بالرَّحيمِ، لم ينكروا إِلَّا الرَّحمنَ، قالوا: ما نعرِف إِلَّا رحمنَ اليَمَامَةِ.

الْفَائِدَة الثالثة: أن الشرعَ لا يُقاس بالهوى والعقل، وإنَّما الشرعُ متبوعٌ وليس بتابعٍ.

الْفَائِدَة الرابعة: أنَّ نفورَ المدعوّ من الدعوةِ لا يَستوجِب التوقُّف، ولا يَمنع الدعوةَ، وهَذِهِ الْفَائِدَة مهمَّة جِدًّا؛ لِأَنَّهَا مجال نقاش أو تساؤل من بعض الإخوان.

لَوْ قَالَ قَائِلٌ: قولُه تَعَالَى: {فَذكرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} [الأعلى: ٩] يقولُ بعض المفسِّرين: يَعْنِي تذكِّر الشخصَ إذا كانتِ الذكرَى نافعةً، فإذا رأيتَه لم يَنتفِعْ فاتْرُكْهُ لوقتٍ آخرَ ترى فِيهِ انتفاعَه، فهل تترك الدعوةَ عامَّةً فِي الوقتِ الحاضرِ أم ماذا؟

الجوابُ: هَذَا عَلَى كل حالٍ تَبَعَ الحِكْمَة؛ {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ} [النحل: ١٢٥]، قد يَكُون لَيْسَ من الحِكْمَةِ أنك تدعوه فِي وقتٍ قد يَكُونُ فيه ضَجِرًا

<<  <   >  >>