للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٧٣)]

* * *

* قالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا} [الفرقان: ٧٣].

* * *

قوله: {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ} لم يُبَيّن مَنِ المُذَكِّر، لِيَشْمَل كلّ مذكّر، وليبيِّن أنَّ قبولَهم للتذكيرِ لَيْسَ مِنْ أجْلِ شخصِ المُذَكِّر؛ لِأَنَّ مِنَ النَّاسِ مَن لا يَقبَل الحقَّ إِلَّا من شخصٍ معيَّن، وإذا جاءَهُ من شخصٍ آخرَ لم يَقْبَلْهُ، مثلَما فعلَ أهلُ الكِتَابِ وغيرُهم بالنَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلا يَقْبَلُون الحقَّ إِلَّا من طائفةٍ معيَّنةٍ أو شخصٍ معيَّن {وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ} [البقرة: ١٤٥]، فهنا قال: {إِذَا ذُكِّرُوا} ولم يُبَيِّنِ المُذَكِّرَ إشارةً إِلَى أَنَّهُمْ إِنَّمَا يَقْبَلُونَ الحقَّ لِأَنَّهُ حقٌّ، لا مِنْ أجْلِ مَن قَالَ بِهِ، فهم لا يَقبَلون التذكيرَ لأجلِ شخصِ المذكِّر، أو يَرُدُّونه مِنْ أجْلِ شخصِ المذكِّرِ، وإنما يَقبلونه لِأَنَّهُ تذكيرٌ، وهَذِهِ هي الْفَائِدَةُ فِي حذفِ الفاعِلِ.

قَالَ المُفَسِّر: [{وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا} وُعِظُوا {بِآيَاتِ رَبِّهِمْ} أي الْقُرْآنِ].

قوله: {ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ} هل المرادُ (ذُكِّروا بها) أي أنها جُعِلَتْ وسيلةً للذِّكْرَى أو التذكير، أو (ذُكِّروا بها) أي بما حكمت بِهِ ليَعْمَلُوا به؟ شاملة للجميع، يَعْنِي سواء ذُكِّروا تذكيرًا بواسطةِ الآياتِ بأن قُرِئَتْ عليهم ليَذَّكَّروا، أو ذُكِّروا بِهَا أي قِيلَ لهمُ: اذكروا أحكامَ اللَّهِ واعْمَلُوا بِهَا، فَهُوَ شامِلٌ للأمرينِ.

<<  <   >  >>