للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٣٩)]

* * *

* قالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا} [الفرقان: ٣٩].

* * *

تقدَّم أنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا جعل لكل نبيٍّ عدوًّا مِنَ المجرمينَ؛ تسليةً للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وإنذارًا لقومِه، وأنه بَيَّنَ أقوامًا على التعيينِ ليَكُونَ ذلك أبلغَ؛ لِأَنَّ التعيينَ كضربِ المثلِ، ومِمَّن عَيَّنَ وأوَّلُ مَن بدأ اللَّهُ بهم قومُ موسَى، ثم بعد ذلك نوح، وبعد ذلكَ عادٌ وثمود، كل هَذَا ذَكَرْنَاهُ وذَكَرنا أن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أهلكَ فِرعونَ المكذِّبَ للرسولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بالغَرَقِ في البحرِ الأحمرِ، وأنَّ الحِكمةَ من إغراقِه بالماءِ أَنَّهُ افتخرَ بالماء، حيثُ قال لقومِه: {وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي} [الزخرف: ٥١]، فافتخرَ بالماء فأهلكه اللَّه تَعَالَى بما افتخرَ به. وقومُ نوحٍ أُهلِكوا بالغرقِ العامِّ الَّذِي هو من آياتِ اللَّهِ، حيثُ فجَّر اللَّه الأرض عيونًا وفتح أبواب السماءِ بماءٍ مُنْهَمِرٍ.

وأمَّا عاد فأُهلكوا بالريحِ، والحِكمة من ذلك هو أَنَّهُمْ كانوا يَفتخِرون بالقوَّة، يَقُولُونَ: مَن أشدُّ مِنَّا قوَّةً، فأهلكهم اللَّه تَعَالَى بالأشياءِ اللطيفةِ الَّتِي ليستْ بشَيْءٍ لِيَتَبَيَّنَ للناسِ أن الإنْسَانَ مَهْمَا كان من القوَّةِ فَإِنَّهُ ضعيفٌ أمامَ قُدْرَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

وثمود أُهلِكوا بالرَّجفة مع الصيحةِ، فإن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ رجف بهم وصاح بهم جِبريلُ حتى تَقَطَّعَتْ قلوبُهم في أجوافِهم، وكانوا كهَشِيم المُحْتَظِر، ثم الصيحة أيضًا

<<  <   >  >>