للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويجادلهم ويَقُولُونَ: {يَانُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا} [هود: ٣٢]، أي: لن نُطِيلَ، الَّذِي عندك ائتِ به -والعياذ باللَّه- ونحن الآنَ إذا كابَدْنَا وَاحِدًا في الدعوةِ إلى اللَّهِ لِمُدَّة دقيقةٍ وَاحِدةٍ تَطَاوَلْنَاها، نقول: لماذا لم يَسْتَجِبْ من أوَّل مرَّة دعوناه فيها؟ ! والرُّسُلُ - عليهم الصلاة والسلام- الَّذِينَ وَعَدَهُمُ اللَّهُ بالنصرِ {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [غافر: ٥١]، يكابِدون أقوامَهم ثم لا يؤمن إلا القليلُ منهم.

فالحاصِل أننا نقول: هَؤُلَاءِ القرون العظيمةُ الكثيرةُ كلُّها أهلكها اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بتكذيبِها لِرُسُلهم، أفلا يَكُون قادرًا على أن يُهلِك المكذِّبين للرسول؟ بلى، هو قادرٌ عليه، وهذا هو الَّذِي حَصَلَ، لكِن اللَّه تَعَالَى جعل إهلاكَ أعداءِ الرَّسولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- على يد الرَّسولِ {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ} [التوبة: ١٤ - ١٥]. فهَذِهِ المصالح العظيمة لو أُهلكت قريشٌ بعذابٍ من عند اللَّه لم تَحصُل، ولهذا إذا هلك عدوُّك على يدِك كان أشفَى لك وأشدَّ سرورًا وفرحًا أن اللَّه يُهلِكه على يدك، أمَّا إذا هَلَكَ بعذابٍ من اللَّه فهذا لا شكَّ أن اللَّه كَفَاكَ شَرَّهُ ولكنْ كونه على يدِك أبلغ وأشدّ فَرَحًا وسرورًا.

* * *

<<  <   >  >>