للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٧٠)]

* * *

* قالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: ٧٠].

* * *

قوله: {إِلَّا مَنْ تَابَ} هلْ هَذَا الاستثناءُ مُتَّصِلٌ أو مُنْقَطِعٌ؟

الاستثناءُ متَّصِلٌ، يَعْنِي: من تابَ من دعاءِ غيرِ اللَّهِ معَه، ومَن تابَ من قَتْلِ النفسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بالحقِّ، ومَن تاب منَ الزِّنا، أمَّا الأول، وَهُوَ التوبةُ من دعاءِ غيرِ اللَّهِ معَه، فلا شُبْهَةَ فِيهِ ولا إشكال؛ لِأَنَّهُ حقٌّ للَّه، فإذا تابَ الْإِنْسَانُ منه إِلَى اللَّهِ قَبِلَهُ إذا كانتِ التوبةُ نَصُوحًا، ولا حاجةَ إِلَى أنْ يَسْتَأْذِنَ أحدًا، فلا شك أنَّه لا يحتاج أن يَستأذن ويَسْتَرْخِص مِنَ الصَّنَم.

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا} منهم]، وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [مِنهم] أيْ من فاعلِ هَذِهِ الأمورِ الثَّلاثَةِ: الشِّرك وقَتْل النَّفْس والزِّنا، وإنَّما قَيَّدها بذلك لقرينةِ السياقِ، ولِئَلَّا تَتكَرَّر معَ ما بعدَها.

وما هي التوبةُ؟ التوبةُ هي الرجوعُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وقد ثَبَتَ فِي الحديثِ الصحيحِ فِي قصةِ الرجلِ الَّذِي قتلَ تسعًا وتسعينَ نفسًا ثم سألَ عابدًا: هل له من توبةٍ؟ فَقَالَ العابدُ: لَيْسَ لكَ توبةٌ، فالعابدُ جاهلٌ، واستعظمَ تسعًا وتسعينَ نفسًا، قَالَ: لَيْسَ لكَ توبةٌ، فَقَالَ: نُكْمِل بكَ المئة، فَقَتَلَهُ، وهذا من الجرِيرَةِ الَّتِي يَجُرُّها الْإِنْسَانُ

<<  <   >  >>