للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قادرًا؛ لِأَنَّ القُدرةَ من كمالِه، وهذا العجزُ الَّذِي اتصفتْ به هَذِهِ الآلهة يَمنَعُ أن تكون آلهةً.

ثُمَّ قال: {وَهُمْ يُخْلَقُونَ} أي هَذِهِ الآلهة إذَن هي حادِثة بعدَ أنْ لم تكنْ، والربُّ يَجِب أن يَكُونَ أوَّليًّا، ليس قبلَه شَيْء؛ لِأَنَّ الربَّ المستحِق للعبادة لا بدَّ أن يَكُون خالقًا، وإذا كان مخلوقًا فَهُوَ حادث، وإذا كان حادثًا فمَن قبلَه ليس من خلقه. وعلى هَذَا يَكُونُ في قوله: {لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا} بيانٌ لعدمِ صلاحِيَتِهِم أن يَكُونوا آلهةً من حيثُ انتفاءُ القُدْرَةِ {وَهُمْ يُخْلَقُونَ}. فلا يَصْلُحون أن يَكُونوا آلهةً من وجهينِ:

الوجه الأول: الحُدُوث؛ لأَنَّهُمْ مُحْدَثون، والإله لا يُمْكِن أن يَكُونَ مُحْدَثًا.

الوجه الثَّاني: أن مَنْ قبلهم ومَن سبَقهم ليس من خَلْقِهم، على فرض أَنَّهُمْ يخلُقون، وهذا دليل على عدم صلاحيتهم للأُلوهيةِ.

قوله: {وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا} يقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا} أي دَفْعَه]، ونحن نقول: دفعه وجَلْبه أيضًا، والمانِع أَنَّهُمْ لو أرادوا أن يَضُّروا أنفسَهم ما ضَرُّوها، ولو أرادوا أن يدفعوا عنها ضررًا ما دفعوا عنها، فإبقاء الآية على العموم أَولى {وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا} لا جَلبًا للضَّرِّ ولا دفعًا له، حتى الضرر الَّذِي يمكن أن يَكُونَ سهلًا لو أرادوه لأنفسهم ما استطاعوا، يعني لو أرادت هَذِهِ الأصنام أن تُتْلِفَ نفسها لا تستطيع، ولو أرادتْ أن تُمرِضَ نفسها إذا كانت مما يَلْحَقُه المرض هل تملِك ذلك أو لا؟ لا تملِك، ولو أراد أحد أن يَعْتَدِيَ عليها لا تملِك دَفْعَه، ولا تستطيع، ولهذا يقول اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ} [الحج: ٧٣]، وهذا يدل على أهميته، فأَمْرُ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لنا بأن نَستمِعَ لهذا المثَلِ يدل على أهميَّتِه، المَثَل {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ

<<  <   >  >>