للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ}، الذباب الَّذِي هو من أهون الحيوانات وأضعفها لو أَنَّهُمْ اجتمعوا عَلَى أَنَّ يَخْلُقوه ما استطاعوا، أمرٌ آخَرُ: {وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا} على ضَعفِه {لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ} لا يستطيعون أن يَسْتَنْقِذُوه، {ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} [الحج: ٧٣]، فهَؤُلَاءِ لا يملكون لأنفسهم ضَرًّا؛ لا دَفْعه ولا جَلْبه.

قوله: {وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا} يقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [أي جَرَّهُ]، يعني لا يملِكون أن يَجُرُّوا لأنفسهم نفعًا، ولا يملِكون أيضًا أن يدفعوه عن أنفسهم، مثل الأُولى، يعني يَنْبَغِي أن نجعلها على سبيل العموم، وإن كان مُقتضَى الحال أن أيَّ وَاحِدٍ يريد دفع الضررِ ويريد جَلْب النفع، ولَكِنَّ إبقاءَ الآية على العمومِ أَولى، يعني: لا يستطيعون شيئًا لأنفسهم، وإذا كانوا لا يستطيعون ذلك لأنفسهم فمن باب أَوْلَى لا يَستطيعوه لِعَابِدِيهم.

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً} أي إماتةً لأحدٍ وإحياءً لأحدٍ {وَلَا نُشُورًا} أي بعثًا للأمواتِ].

قوله: {وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً} يعني: لا يملكون أن يُمَوِّتُوا أحدًا، وبهذا نعرِف أن الَّذِي حاجَّ إِبْراهِيم في ربه عَزَّ وَجَلَّ وقال: {أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} أَنَّهُ كاذب، فهم لا يملكون أن يجلِبوا موتًا لأحدٍ ولا أن يجلبوا حياةً لأحدٍ مهما جَمَعُوا لذلكَ.

فَإِذَا قَالَ إِنْسَانٌ: أليسَ يُمكِن أنْ يَقْتُلُوا أحدًا؟

فالجواب: إن هَذَا سَبَب المَوْت، وليس هو المَوْتَ، يعني: يُمكِن أنَّ الإنْسَان يفعَل سَبَب المَوْت، لكِن لا يمكِن أن يُوقِعَ المَوْتَ، وبينَ الأمرينِ فرقٌ، ولهذا أحيانًا يوجد سَبَب المَوْت ولا يموت الإنْسَان، وأحيانًا يموت الإنْسَان بدون سَبَبٍ، يعني

<<  <   >  >>