للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قريةٍ وَاحِدة لا يَنْبَغِي لنا أن نقول: إنها أكْثَر من وَاحِدة إلا بدليلٍ ثابتٍ عن الرَّسول -صلى اللَّه عليه وسلم- وما جاء عن بني إسرائيل في ذلك، أي في أنها سبع قرى، هَذَا مرفوض؛ لِأَنَّ دلالة كتابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ تدلّ عَلَى أَنَّ ظاهرها أنها قرية وَاحِدة، فعلينا أن نَتَمَسَّكَ بهذا الظاهرِ ما لم يوجدْ دليل ينفي هَذَا الظاهرَ، إنْ وُجِدَ دليل فنعم، أمَّا مجرَّد أخبار بني إسرائيلَ فليستْ مقبولةً في هَذَا الموضعِ. أقول: إن المُفَسِّر وكثيرًا من المفسِّرين يَقُولُونَ: إن قرى قوم لوط ليست قريةَ وَاحِدةً، بل قرى متعددة، فنحن نقول: لا، هي قرية وَاحِدة ما لم يوجدْ دليلٌ على تَعَدُّدِها؛ لِأَنَّ ظاهر القُرْآن أنها قرية وَاحِدة، فإذا قال قائل: إنها سبع قرى نقول له: هاتِ الدليلَ، ولو فُرِضَ أن المسألةَ فيها دليلٌ صريحٌ صحيحٌ فَإِنَّهُ يمكِن أن يقالَ كما قال المُفَسِّر، يعني يُذْهَبُ إلى ما ذَهَبَ إليه المُفَسِّر، فيقال: المراد بالقرية هنا عُظمى القرى، ولكن نحن نقول: لا حاجةَ أن نقولَ: عظمى القرى، بل نقول: هي قرية وَاحِدة، ولا مانعَ مِن أن اللَّه يُرسِل رسولًا إلى قريةٍ وَاحِدةٍ، بل كان فيما سبقَ يوجد رسولانِ في أمَّة وَاحِدة، فموسى وهارون كانا في أمَّة وَاحِدةِ، وداود وسليمان، وزكريَّا ويَحيى، وهكذا كثيرٌ.

هَذِهِ القرية موجودة الآن، يَقُولُونَ: إن البحر الميِّت هو مكان قُرَى قوم لُوط، وصار بحيرةً مالحةً، وهذا مشهور.

قوله: {عَلَى الْقَرْيَةِ} القرية اسْم للبلد، سواء كان كبيرًا أو صغيرًا، بل لو كان أُمًّا للقرى فَهُوَ قريةٌ، قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ} [محمد: ١٣]، نحن نغضب إذا قيل: عنيزة مثلًا قرية، وبريدة قرية، والرياض قرية، لكِن هَذَا الغضب في الحقيقة بناء على اللغة العُرفيَّة في أن القرية اسْم للبلد الصغير, والمدينة اسْم للبلد الكبير، ولذلك بعضهم يحترِز يقول: بلدية مدينة عنيزة،

<<  <   >  >>