للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا} مُعِينًا للشيطانِ بطاعتِه]، أي بطاعةِ الشيطانِ، فالكافرُ عَلَى ربِّه ظَهير: مُعِين عَلَى اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، لا للَّه، ومُعينٌ عليه لا له يَعْنِي حربًا عَلَى اللَّهِ، فالكافرُ كلَّما وجدَ عدوًّا للَّه أعانَهُ عَلَى ربِّه، وهذا كما أَنَّهُ مِثْلما قَالَ المُفَسِّر: إِنَّهُ يُعين الشيطانَ عَلَى معصيةِ اللَّهِ، لِأَنَّ الْإِنْسَانَ الَّذِي يَعصي اللَّه مُعين للشيطانِ فِي تَمَرُّدِهِ عَلَى اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، هو أَيْضًا يَشمَل مَنِ اتَّصفَ بِهَذَا الوصفِ من غيرِ الكفَّارِ، فكلُّ مَن أعان عَلَى باطلٍ فَإِنَّهُ مُعينٌ عَلَى اللَّهِ، كلُّ إنْسَانٍ يُعين أحدًا فِي باطلٍ فَإِنَّهُ ظَهير عَلَى ربِّه؛ لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى هو الحقُّ، وهو يريد الحقَّ، فإذا أعنتَ صاحبَ باطلٍ عَلَى صاحبِ الحقِّ فإنك مُعينٌ عَلَى اللَّهِ، لِأَنَّ معنى الظَّهير: المُعِين، كما قَالَ اللَّه تَعَالَى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: ٨٨]، يَعْنِي مُعِينًا، فالكافرُ دائمًا يُعينُ عَلَى اللَّهِ، وكلُّ مَن أعانَ فِي باطلٍ عَلَى حقٍّ فَإِنَّهُ مُعِين عَلَى اللَّهِ، يَعْنِي معينًا للباطلِ عَلَى الحقِّ؛ لأنَّ اللَّه هو الحقُّ، وهو يحبُّ الحقَّ.

لَوْ قَالَ قَائِلٌ: كل عاصٍ حالَ مَعْصِيَتِهِ فَهُوَ مُعِينٌ عَلَى اللَّهِ بِمَعْصِيَتِهِ، فلماذا خصَّه فِي الآيةِ بالكافِرِ؟

صحيحٌ، لَكِنَّه قَالَ هنا: {وَكَانَ الْكَافِرُ} لِأَنَّهُ يتحدث عمَّن يعبدون معَ اللَّهِ.

مناسبةُ الجملةِ هَذِهِ للتي قبلها {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا} يَعْنِي كأنه جَعَلَ هَذَا الصنمَ نِدًّا للَّه يَعْبُدُه كما يعبد اللَّه، ومعلومٌ أنَّ الصنمَ ضِدّ ما جاءتْ بِهِ الرُّسُلُ، فيَكُون نُصْرَة هَذَا الصنمِ عونًا عَلَى اللَّهِ.

* * *

<<  <   >  >>