لا أحدَ يهْتَمّ بِهِ، معَ أنَّ هَذَا أهمُّ، الحقيقة أنَّ اللَّهَ يتوبُ علينا إذا فكَّرنا فِي أنفسنا، وإذا بنا ظاهريُّون لا باطنيُّون.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: فِي هَذِهِ الآيةِ فِي التوبةِ العامَّة قال: {مَنْ تَابَ}، ولم يَذْكُرِ الإيمانَ، وَفي الآيةِ الَّتِي قبلَها فِي التوبةِ الخاصَّة {مَنْ تَابَ وَآمَنَ}، فذكر الإيمان، ما وجهُ ذلك؟
لِأَنَّهُ ذكرَ الشركَ هناك؛ فلابدَّ مِنَ الإيمانِ مُقابِلَ الشِّرْكِ.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: ما حُكْمُ إنْسَانٍ ابتُلِيَ بذنبٍ فأخذَ يَستغفرُ اللَّهَ ويتوبُ، وظلَّ عَلَى هَذَا، وعَجَزَ أنْ يُقْلِعَ عنه؟
فالجواب: مسألةُ العجزِ هَذِهِ أمرٌ غيرُ وارِدٍ، إِلَّا عَلَى مَذْهَبِ الجَبْريَّة، لا أحد يَعْجِز عن التركِ، فالتروك أهون من الأفعالِ، ولهذا لا تَجِد التَّرك رُتِّبَ عليه مثلًا الثوابُ المطلَقُ، بخلافِ الفعلِ، فالفعلُ أشقُّ عَلَى النفسِ؛ لِأنَّهُ جِهادٌ للنفسِ من وجهينِ، لكِن الترك من وجهٍ وَاحِدٍ، فكلمةُ عَجَزْتُ ليستْ بصحيحةٍ، ولو أنَّ سَوْطَ السلطانِ فِي ظَهْرِهِ مرَّة وَفي بطنه مرَّة لا يَعْجِز.
لَكِنْ لَوْ قَالَ قَائِلٌ: الَّذِينَ يَشربون الدُّخَان إذا نَصحناهم يقولون: واللَّهِ عَجَزْنا؟
هَذَا لَيْسَ بصحيحٍ، أنا أَشْهَدُ أَنَّهُ يكذِب؛ لِأنَّهُ وُجِدَ أُناسٌ صَدَقُوا العَزيمة وتابوا وأَقلَعوا عنه، فالصَّحَابَةُ -رضي اللَّه عنهم- قبلَ أنْ يَنزِلَ الخمرُ كانوا مُدْمِنِينَ عَلَى الخمرِ، وإمساك الخمر لِشَارِبِها أكْثَرُ من شُرْبِ الدخَانِ، ومع ذلك فِي يومٍ وَاحِدٍ كلهمُ امْتَثَلُوا، فالكَلام عَلَى صِدق العزيمة، الآن فِي غيرِ الصيامِ هَذَا الشارِبُ لا يَستطيعُ أنْ يَتَوَقَّفَ النهارَ كلَّه عَلَى زَعْمِهِ عن الدخانِ، وَفِي الصيامِ حيثُ إِنَّهُ عازِمٌ يَستطيعُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute