لَوْ قَالَ قَائِلٌ: إذا كَانَ مثلًا العاصي يَعرِف من نفسِهِ ضعفَ إيمانٍ وتسلُّط عدوِّه عليه، وأنه سوف يعودُ إِلَى هَذِهِ المعصيةِ، أيُّهما أَوْلَى، كلَّما يَعْمَل معصيةً يتوب أو يترك التوبةَ، لئلَّا تكونَ تَوْبَة كَذب؟
يتوب، ما يُدْرِيهِ، نقول: توبته هَذه لا تَصِحُّ، لكِن مجرَّد شُعُورهِ بأنه مخطِئٌ قد يَنْفَعُه هذا، أمَّا أنْ يقولَ: سَأَسْتَمِرُّ فهَذَا لا يجوزُ، هو مُعْتَرِفٌ أنَّهُ مُخْطِئٌ، لكِن هو يقول: أريدُ أنْ أَسْتَمِرَّ، لن أُقْلِعَ لا بِقَلْبِي ولا بِفِعلي، كلَّما سَنَحَتْ لي الفرصةُ سأفعلُ، فهَذَا شرٌّ، لكِن كونه يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ ويَخْجَل ويَصْير عنده نوعٌ مِنَ التقرُّب إِلَى اللَّهِ أَحْسَن من عَدَمِه، ولو تَعَدَّدَتْ تَوْبَتُه، لكِن الواجب عَلَى المؤمنِ أنْ يتوبَ جَزْمًا، وإذَا قُدِّر فيما بعدُ أن أسباب المعصيةِ تَوَفَّرَتْ لديهِ وأن نفسَه غَلَبَتْه، فإن ذلك لا يَنْقُضُ توبتَه الأُولى، فَإِنَّهُ يُؤَاخَذ من جديدٍ بالمعصيةِ الجديدةِ ثم يتوب.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: قول: أَسْتَغْفِر اللَّهَ وأتوبُ إليه بعضهم يقولُ: إن قولَك: وأتوبُ إليه دائمًا توبة كذَّابين، واستغفارك أَيْضًا استغفارُ كذابينَ؟
عَلَى كلِّ حالٍ نسألُ اللَّهَ أنْ يتوبَ علينا، حَتَّى قول الْإِنْسَان إذا انْتَهَى مِنَ الأكلِ: الحمدُ للَّهِ، لا أحدَ يَشْعُر معنَى هَذِهِ الكَلِمَةِ تمامًا، إِلَّا أنَّها رُوتينِيَّة، وباسْمِ اللَّهِ كَذَلِك، وأيضًا الصلاة عادة، وهذا الَّذِي فِي الحقيقة يُفسِدنا أن أعمالَ القلوبِ لا نشعُر بِهَا، تجد الكثيرَ مِنَّا يحافِظ عَلَى سنَّة رفعِ الإصبعِ عند الدعاءِ، لكِن رفع القلب عند الدعاء