الفرق بينهما هَذَا يُجلَد وهذا تُقطَع يدُه، وهذا يَكُونُ فاسقًا من وجهٍ، وذاك فاسقٌ من وجهٍ آخرَ، هَذَا باعتبارِ الأعراضِ، وهذا باعتبارِ الأموالِ، فبينهما فروق، لَيْسَ كل الذنوب عَلَى حدٍّ سواء، لا فِي النوعِ، ولا فِي القَدْر، ولا فِي الإثمِ.
وَلهِذَا قُلْنَا: إن الوصفَ المطلَقَ للتوبةِ لا يَسْتَحِقُّه؛ لِأنَّهُ حقيقةً لَيْسَ بتائبٍ؛ إذ إِنَّهُ عاصٍ للَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من وجهٍ، لكِن كوننا نقولُ: لا تُقبَل توبتُك من الزنا لأنك تَسْرِق، فهَذَا لَيْسَ بصحيحٍ، فالَّذِي تابَ مِنه يُغْفَر له، والَّذِي أصرَّ عليه يَبْقَى عليه، صغيرةً كانتْ أم كبيرةً؛ لِأَنَّ هَذَا مُقْتَضَى عدلِ اللَّهِ، أليس هَذَا عَمِلَ خيرًا بتوبتِه.
وَقُلْنَا: إن قلبَ السيئةِ حسنةً بالتوبةِ؛ لِأَنَّ مجرَّد رُجوعِه إِلَى اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وتركه لها وتَوْبَته منه حَسَنَةٌ، هَذَا إذا قُلْنَا: إنَّ المرادَ بالحسنةِ الجزائي، يَعْنِي أَنَّهُ يُجازَى عَلَى نفسِ السيئةِ حسنةً. إذا قُلْنَا: إِنَّهُ قَدَرِيّ، بمعنى أن إقلاعَ هَذَا الرجلِ عن هَذَا الذنبِ واستقامته هَذَا منه، فالقدريُّ واضحٌ، والجزائيُّ أَيْضًا؛ لأنَّ كَرَمَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أسرعُ وأسبقُ من عقوبتِه، وقولنا: قَدَرِيّ من القَدَرِ، بمعنى أَنَّهُ يُقَدّر له حَسَنات جديدة غير الأُولى، والجزائيّ أَيْضًا من القَدَر، لَكِنه ثواب بمعنى أَنَّهُ يُجْزَى عَلَى نفسِ السيئاتِ حسناتٍ.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ:(الواو) فِي قوله تَعَالَى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ} هل هي عاطفةٌ؟
نقول: نعم عاطفة.
فَلَوْ قِيلَ: إذا كانت عاطفةً نَرجِع إِلَى الشرطِ السادسِ الَّذِي يقولُ: لابدَّ من صلاحِ العملِ؟