للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نقول: هَذِهِ غيرُ مَسْأَلَتِنا، نحن نقولُ: هَذَا الرجلُ تابَ مِنَ الذنبِ، ولم يَرْجِعْ إليه، لَكِنَّه عاصٍ للَّهِ من جهةٍ أُخْرَى، هَذَا هو بَحْثُنا.

لَوْ قَالَ قَائِلٌ: إذا قُلْنَا بأنه جَزْمًا تَحْصُلُ له التوبةُ، فهناك أحكامٌ كثيرةٌ تَتَرَتَّب عَلَى التوبةِ، مثل قلب السيئات حسناتٍ؟

نقول: نعم، بالنسبة لهذا العملِ المعيَّن إذا تاب منه صارَ حسنةً.

وهل هو قلبٌ جزائيٌّ أو قلبٌ قَدَرِيٌّ؟

لَوْ قِيلَ: هَذَا إذا تابَ توبةً نَصُوحًا تامَّةً.

قُلْنَا: لا، تابَ من هَذِهِ الأشياءِ: الشرك والزنا وقتل النفس، المهمُّ أَنَّهُ حَتَّى مَن تابَ توبةً خاصَّةً مِن ذَنبٍ خَاصٍّ بُدِّلَتْ سيِّئاتُه حَسَناتٍ، فالسيئةُ الَّتِي تابَ مِنها تكونُ حَسَنَةً؛ لِأنَّهُ تَرَكَهَا للَّه، وقد ثَبَتَ عن النَّبي عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أنَّ "مَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كتبَهَا اللَّهُ لَهُ عِندَهُ حَسَنةً" (١) لِأنَّهُ ترَكَها للَّهِ، فهذا مَثَلُه، ثمَّ إِنَّ مجُرَّد أنَّه يتوبُ إِلَى اللَّهِ ويَعرِف أنَّ له ربًّا يُؤَاخِذُهُ ويعاقبه ويَشْعُر بالخجلِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ والحياءِ منه؛ هذا من الحسناتِ العظيمةِ.

فَلَوْ قِيلَ: لَكِنه وُصف بالعاصي والفاسِق.

نقول: عاصِ بالنسبةِ لكذا، تائب بالنسبةِ لكذا.

لَوْ قَالَ قَائِلٌ: ما الفرقُ بَيْنَ الزنا والسَّرِقَة؟ هل كلاهما من الكبائرِ؟ وهل كلاهما فِسْقٌ؟


(١) أخرجه البخاري: كتاب الرقاق، باب من هم بحسنة أو بسيئة، رقم (٦٤٩١)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب إذا هم العبد بحسنة كتبت، وإذا هم بسيئة لم تكتب، رقم (١٣١).

<<  <   >  >>