مسبوقًا بتقديرٍ؛ لِأَنَّ أصلَ الخَلْقِ التقديرُ، لَكِنَّه يُطلَق عليه وعلى الفعلِ، فإذا أُطلق الخَلْقُ عَلَى الفعلِ صارَ معناهُ أَنَّهُ فِعْلٌ بتقدير، فيَكُون الإحكامُ سابقًا، ثم الفعلُ عَلَى مِنهاج ذلك الإحكامِ، فَخَلَقها مُحْكَمَة، ومَن تَدَبَّرها وتأمَّلَها وجدَ فِيها غايةَ الإحكامِ.
قوله:{وَمَا بَيْنَهُمَا} ومِمَّا نراه مما بينهما الشَّمْس والْقَمَر والنجوم، وغير ذلك؛ لأنَّ القَوْلَ بأن هَذِهِ فِي نفس السَّموات لَيْسَ عليه دليلٌ من الكِتَابِ ولا من السُّنةِ، وإنما ظاهر القُرْآنِ يَدُلّ عَلَى أنها فِي فَلَكٍ بَيْنَ السَّمَاءِ والْأَرْضِ، والواقعُ يَشْهدُ لذلكَ أَيْضًا، فإنهم وَصَلُوا إِلَى الْقَمَرِ، ولو كَانَ فِي نفسِ السَّمَاءِ ما وصلوا إليه؛ لِأَنَّ اللَّه يقول:{وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا}[الأنبياء: ٣٢]، فإذا كانت السَّمَاءُ محفوظةً حَتَّى عن أشرفِ الرُّسُلِ وأشرفِ الملائكةِ إِلَّا باستئذانٍ، فمَن دونَهم من باب أَوْلَى.