فالصحيحُ أن المرادَ سِتَّة أيامٍ من أيامِ الدُّنْيا كما قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ، أوَّلها يومُ الأَحَد، وآخِرها يوم الجُمُعة، فَإِنَّهُ بِهِ تم خَلْق السَّموات والْأَرْض وخُلِق آدمُ فِي آخِرِهِ.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: أخبرنا اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بنصِّ القُرْآنِ بأنَّ اليومَ عندَه كألفِ سنةٍ {وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [الحج: ٤٧]، ألا يُرَجِّح هَذَا قولَ مَن قَالَ: إنها من أيامِ الآخِرَةِ؟
الخَلْق نفسُه من صفاتِ اللَّهِ، لكِن الأيَّام الَّتِي أضافَ اللَّهُ الخَلْقَ إليها وجعلَه فِي هَذه الأيامِ معلومة لنا، وَأَمَّا قوله: {وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ} قال: {يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ} لا نَدري عنه يومًا وَاحِدًا أو أيَّامًا، حَتَّى {يَوْمًا} قد يقول قائل: إِنَّهُ يومٌ معيَّن عند اللَّه كألفِ سنةٍ، لو قال: (وإن اليوم عند ربك) وأتى بـ (أل) الجِنْسِيَّة فيُمْكِن أنْ يُقالَ، فالأقربُ هو هَذَا واللَّهُ أَعْلَمُ، حَتَّى المسألة ليستْ هي بالأمرِ اليقينِ، لكِن الَّذِي يَتَرَجَّح حَسَبَ مُقْتَضَى اللفظِ العربيّ، وأننا خُوطِبنا باللفظِ العربيّ، وأن الأَصْلَ حَمْلُ اللفظِ عَلَى ما دلتْ عليه اللغةُ إِلَّا بدليلٍ، فهَذَا الأَصْلُ، والواجبُ أنَّ القُرْآنَ تكونُ دِلالتُه بِمُقْتَضَى اللغةِ العربيَّةِ ما لم يوجدْ دليلٌ يَصْرِفُه.
وقولُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [أي فِي قَدْرِها؛ لأَنَّهُ لم يكنْ ثَمَّ شَمْس] وتقدير الأيام بالشَّمْسِ، والشَّمْسُ غيرُ موجودةٍ حين الخَلْقِ؛ لِأَنَّ الشَّمْسَ إِنَّمَا خُلِقَتْ بعدَ ذلك؛ لقولِه تَعَالَى: {وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا} [فصلت: ١٢]، بعدما خَلَقَها أوحَى فِيها أمرَها، وهذا يَشْمَل كلَّ ما يَتَعَلَّق بالسَّمَاءِ، فعلى هَذَا يَكُونُ المرادُ بقولِه: {سِتَّةِ أَيَّامٍ} أي فِي قَدْر هَذِهِ الأيَّام الستَّة.
ثم أَوْرَدَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ جوابًا عن سؤالٍ يَفْرِضُه الذِّهنُ، وهو أنْ يقولَ قائلٌ: لماذا لم يَخْلُقْهُنَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بكلمةٍ، قَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute