للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرؤية، وعلى هذا وافقوا المعتزلة في المقدمة وخالفوهم في النتيجة، ولذلك حاروا في هذه المسألة حينما تابعوا المعتزلة في هذه المقدمة، فاضطربوا اضطرابًا بيِّنًا؛ منهم مَن قال: يرونه من جميع الجهات، ومنهم مَن أثبت الرؤية وقال رؤية بصيرة لا بصر، وقال هؤلاء: إن المقصود زيادة الانكشاف والتجلي حتى كأنها رأيُ عين.

أما أهل السنة والجماعة فقد عصمهم الله من هذه الافتراضات، فهم يثبتون الرؤية لله تعالى من غير ولوج في التفاصيل التي خاض فيها المعتزلة والأشاعرة.

سُئِلَ الإمام مالك عن هذه الآية: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين:١٥]، فقال: «لما حجَب أعداءه فلم يرَوْه، تجلَّى لأوليائه حتى رأوه» (١).

وقال الشافعي رحمه الله: «في الآية دلالة على أن أولياء الله يرونه عِيانًا» (٢).

وقد سبق معنا في شرح «الحائية» قولُ ابن أبي داود:

وَقُلْ يَتَجَلَّى اللهُ لِلْخَلْقِ جَهْرَةً

كَمَا الْبَدْرُ لَا يَخْفَى وَرَبُّكَ أَوْضَحُ


(١) أخرجه اللالكائي في أصول الاعتقاد بلفظ: «لو لم يَرَ المؤمنون ربهم يوم القيامة، لم يُعيِّر الله الكفار بالحجاب فقال: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}».
(٢) أخرجه أبو نعيم في الحلية (٩/ ١١٧)، والبيهقي في معرفة السنن والآثار (١/ ٨٧).

<<  <   >  >>